الأحاديث النظرية المستفيضة عن المساواة بين الرجل والمرأة، لا تعني شيئاً بمعزل عن التطبيق العملي، ولا شك أن الثامن عشر من يوليو سنة 1984، يوم مشهود في تاريخ المرأة المصرية، ففيه تخرجت الدفعة الأولي من ضابطات الشرطة، وبعد أكثر من ربع قرن علي ذلك اليوم الجميل، تستمر المسيرة مبرهنة علي النجاح الإيجابي. عندما غنت السندريلا سعاد حسني، من كلمات العقبري صلاح جاهين، رائعتها: «البنت زي الولد.. ما هيش كمالة عدد»، كانت تجسد طموحاً مأمولاًَ، نصل فيه إلي جوهر التقدم المنشود، حيث يتعاون الرجال والنساء في بناء حياة أفضل، تنتفي فيها مظاهر التمييز، التي تجعل المجتمع كأنه يتنفس برئة واحدة، ويعاني من صعوبة الحركة، فالطاقة النسائية المعطلة إهدار لإمكانات هائلة، وما أكثر الكفاءات التي يمكن أن نفيد منها، في الإعلام والجامعة والتعليم والبحث العلمي والهندسة والطب والقانون، فكيف نهمل ذلك كله خضوعا لشعارات وهمية واهية، منقطعة الصلة بإيقاع لا متسع فيه للتمييز؟! لقد نجحت المرأة المصرية في العمل الأمني نجاحها في جميع الميادين الأخري، ولا شك أن العداء لتعليم المرأة وعملها ليس مردودًا إلي أسباب دينية كما يزعم الدعاة الأدعياء من كارهي الحياة، فالموقف السلبي في جوهره اجتماعي تقليدي، يتكئ علي موروث بائد آسن، لابد من مقاومته والتخلص من آثاره المدمرة. البنت زي الولد كما يقول صلاح جاهين، والاختلافات بين الجنسين لا تعني انتصارا وانحيازا لأي منهما علي حساب الآخر، فالحياة ليل ونهاره وشتاء وصيف، وسعادة وتعاسة، وعشرات من الثنائيات المتكاملة التي تصنع المنظومة البديعة، وتحقق الحكمة الألهية البليغة، حيث الاختلاف هو الجسر المؤدي إلي التكامل. ومن يشاهد بعض الفضائيات التي تقول إنها دينية، قد يتصور أن المرأة هي أصل كل الشرور، ولا صلاح للمجتمع الإنساني إلا بأن تسجن في البيت قبل انتقالها إلي القبر، ومثل هذا المنهج المختل يحول نصف المجتمع إلي كبش فداء لتبرير الأخطاء والخطايا المترتبة علي السلبية والتواكل والتكاسل، ويالتعاسة من لا يعملون ولا يريدون لغيرهم أن يعمل.