من ذكريات الصبي في مصر الاستمتاع بمسرحيات فؤاد المهندس مع شويكار أتذكر دائما فصلا كوميديا يقول أحدهم لها... «جدك كان قائد طابية».. وأكاد أزيد أنا علي ذلك «أبوكي كان عنده نوبل»، «يبقي مستواكي مش من مستوانا». لم أكن أحلم في حياتي عندما كنت طالبا في الستينيات من القرن الماضي في ألمانيا أني سوف أعيش لأري جائزة نوبل جزءا من الكوميديا المصرية والسياسة علي وجه التحديد، لقد تكلم عادل إمام في حوار غاية في خفة الدم والذكاء كعادته عن موضوع إمكانية تحول بعض حملة جائزة نوبل إلي كوميديي الحديث كان في «المصري اليوم» منذ بضعة أيام وأدعو الجميع إلي مراجعته لأنه حديث صادق وجميل. ولكن هناك أشياء أخري أقل جمالا.. كيف يحق لسفيرة دولة عظمي أن تتدخل في السياسة الداخلية لمصر وعلي أرض مصر؟.. كيف يحق لهذه السفيرة في اليوم التالي من مقابلة غريبة زارت فيها صحيفة خاصة لتساند كل ما هو ضد الدولة؟ لن أذكر أسماء... لن أذكرها الآن ولكن ربما ذكرتها فيما بعد حتي يعرف الجميع أن هناك ما عاش أغلب حياته في الخارج، وفي أوروبا وأمريكا بالذات ولكنه يرفض رفضاً تاماً تدخل هذه البلاد في مسقط رأسه. أنا أعرف التاريخ الأسود للاستعمار الأوروبي من أول إنجلترا مرورا بفرنسا التي تعرف دم الثوار وكذلك بلجيكا وأخيرا الاستعمار الاقتصادي الأمريكي الذي تجاوز الاقتصاد وعاد بعد انتهاء الحرب الباردة إلي همجية الغزو المسلح لأفغانستان والعراق. أنا أعرف كيف أن مجرد مقابلة بين أحد أبرز صحفيي مصر مع السفير الأمريكي أدي في عصر الرئيس عبدالناصر إلي عشرات السنين من ذل السجون، وهو ما أرفضه في جميع الأحوال ولكن التدخل السافر المستمر من بعض الدول الأوروبية ومن في حكمهم في الشئون الداخلية لمصر هو أمر مرفوض شكلا وموضوعا من كل مصري نزيه معتز ببلده وهويته واستقلاله. مساحة الحرية في مصر اليوم هي مساحة ضخمة بمقاييس المنطق، والعاقل هو من لا يستفز القدر وأشعر أن هناك خطوطا حمراء يجب ألا يقترب منها من قريب أو بعيد أهمها هو انتخاب رئيس جمهورية مصر العربية. وأنا شخصيا أري أن أي مصري يدعو إلي التدخل الأجنبي في ذلك يضع نفسه في شبهة «الخيانة العظمي».