وصف محمد إقبال الخبير الاستراتيجي الإيراني، القرار الأخير لمجلس الأمن، رقم 1929، بالقرار القوي لأنه سيؤدي إلي مضاعفة العزلة الدولية للنظام الإيراني.. مؤكدا أن أهم ثماره كانت وقف صفقة صواريخ «إس 300» الروسية مقابل 800 مليون دولار وفي حالة استمرار الأنشطة النووية الايرانية هناك عقوبات ستوقع خلال 90 يوماً. وانتقد إقبال دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية أثناء تولي محمد البرادعي رئاستها، ووصف موقفها بالتهاون مع النظام الحاكم في طهران، مما ساعد علي تقدم المشروع النووي الإيراني. وأشار إلي أن مبادرة تبادل اليورانيوم مع تركيا والبرازيل لم تكن سوي مناورة من النظام، استفادت منها البرازيل، فتضاعفت صادراتها إلي إيران من خلال شهرين فقط.. وأوضح أن هناك اختلافات بين أجنحة النظام، وأن أطرافا في داخله تطالب أحمدي نجاد بمراجعة مواقفه. وأكد أن التغيير الديمقراطي علي يد الشعب الإيراني ومقاومته الوطنية هو الحل في تغيير نظام الملالي والديكتاتورية الدينية الحاكمة في طهران، وإلي نص الحوار: برأيك، ما جدوي العقوبات الدولية علي إيران؟ وهل قرار مجلس الأمن الأخير رقم 1929 سوف يؤثر علي استمرار طهران في برنامجها النووي؟ - نظام الملالي الحاكم في إيران يستهدف الحصول علي السلاح النووي، وكل مناورات النظام، سواء تبادل اليورانيوم قليل التخصيب مع اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة مع تركيا، أو غيرها من المناورات، هي لشراء الوقت اللازم للحصول علي القنبلة النووية. فامتلاكها بالنسبة له هو الضمان للبقاء في سدة الحكم. ولذلك، يجب تغيير هذا النظام علي يد الشعب الإيراني، والمقاومة الإيرانية هي الطريق الوحيد والنهائي أمام المنطقة والعالم للتخلص من المتطرفين المجهزين بقنبلة نووية. هذا يعني أن النظام الإيراني سيستمر في مشروعه النووي، رغم العقوبات ورغم قرارات مجلس الأمن؟ - نعم هذا صحيح.. ويكفي أن أشير إلي تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي جاء فيه: "إن إيران لم تتوقف عن نشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم في موقعي نطنز وأراك، بل أصبحت تقوم بعملية التخصيب بنسبة 20 بالمئة، واستمرت في إنشاء مفاعل أراك، ومنعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلي مصنع إنتاج الماء الثقيل في أراك، ولم تسمح بأخذ عينات من الماء الثقيل المخزّن، وكذلك امتنعت عن تنفيذ البرتوكول الإضافي، وكل ذلك يعد انتهاكاً لقرارات مجلس الحكام للوكالة الدولية للطاقة الذرية". ولاحظ معي أن التقرير يؤكد: "إن إيران وخلال العامين الماضيين رفضت التفاوض مع الوكالة حول الموضوعات المتبقية، كما رفضت تقديم أية معلومات إضافية أو تسهيلات للوصول إلي الأماكن والأشخاص المحددة لتحري وتحقيق الوكالة حول ملاحظاتها، وبذلك بقيت الموضوعات المتعلقة بالأبعاد العسكرية المحتملة للمشروع النووي بلا جواب، ولم تبد التعاون اللازم لتأكيد أن جميع المواد النووية في إيران تستخدم في النشاطات النووية السلمية". ما النقاط المهمة حول أهداف إيران النووية في هذا التقرير؟ - أولا نري في التقرير أن النظام الإيراني قام بزيادة كمية اليورانيوم المخصب في موقع نطنز الذي تم كشفه لأول مرة من قبل مجاهدي خلق الإيرانية في عام 2002، والآن يمتلك نحو 2.5 طن من اليورانيوم المخصب، وهذه الكمية إذا ما تم تغليظها بدرجة عالية ستكون كافية لإنتاج قنبلتين نوييتين.. وثانياً وحسب التقرير، فإن النظام الإيراني وبالاستفادة من مجموعة من أجهزة الطرد المركزي (centrifuge cascade) فنطنز أصبح يمتلك 5.7 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بدرجة نحو 20 بالمئة، وهذا يمكن إيران من امتلاك القنبلة النووية.. وثالثاً إن مجموعة من الأجهزة والمواد الكيمياوية التي كان النظام قد ادعي استخدامها لأغراض تحقيقية فقط، تم إخفاؤها عن أنظار ممثلي وكالة الطاقة الذرية. يري مراقبون أن تنفيذ العقوبات لن يؤثر علي البرنامج النووي الإيراني؟ - قرار مجلس الأمن أقوي مما نحن نتوقع فهو يؤدي إلي العزلة الدولية للنظام الإيراني، حيث اصطفت القوي الكبري ضد الطموحات النووية الإيرانية. وثانياً، وأقوي من هذا، فإن القرار يعرض منهجاً قانونياً جديداً يسمح للدول المختلفة والمؤسسات الدولية الأخري، كالاتحاد الأوروبي، لتمارس وحسب اختيارها أعمالاً أقوي وأشد مما يدعو إليه هذا القرار. أما لماذا لم يتضمن القرار مقاطعة الوقود والبنزين بشكل محدد، فالسبب نعرفه: طبعاً هناك الصين وروسيا، اللتان كانت لهما بعض الملاحظات خصوصاً فيما يتعلق بالوقود. والواضح أن الموافقة علي القرار تمت عبر بعض المساومات بين الأطراف. برأيك، هل هذا يكفي لوصف القرار بأنه «قرار قوي»؟ - هذا القرار سيكون له عواقب خطيرة علي النظام الحاكم في إيران. وهو قرار قوي لأنه يتطرق إلي مقاطعة النظام الإيراني تسليحياً، حيث ينص علي منع تصدير الطائرات الحربية والدبابات القتالية والآليات والمدرعات والسفن الحربية والصواريخ وأنظمة الصواريخ. وبالتالي، يمنع القرار النظام الإيراني من تطوير الصواريخ البالستية. ويمنع القرار بيع صواريخ «إس 300» الروسية إلي إيران، لأن النظام الإيراني كان يحاول جاهداً الحصول علي هذه الصورايخ لأغراضه التخريبية والإرهابية وتصدير ما يسمي بثورته. ودفع 800 مليون دولار لشراء هذه الصواريخ.. الآن روسيا لا تستطيع أن تبيع الصواريخ إلي إيران. والأهم من هذا هو تفتيش الشحنات المتوجهة إلي إيران. والحقيقة، أن نوعاً من الحصار البحري يفرض الآن علي إيران، والحصار ليس في شواطئ إيران فحسب، بل في المياه الحرة، أو مياه أي دولة ولأي حمولة أو شحن يشتبه به، سواء كانت السفينة تحمل علم إيران أو علم دولة أخري. وعلاوة علي ذلك، هناك مقاطعة مالية، المصارف وشركات التأمين. القرار يوصي، بل ويطلب من الدول أن تفرض تحديدات وتضييقات علي النظام الإيراني. وهل تعتقدون أن النظام الإيراني سيسمح بتفتيش سفنه؟ - سؤال مهم جدا، إذا كنتم تواجهون نظاماً عاقلا في اختياراته، فالتفتيش سوف يجري بشكل اعتيادي. ولكنكم تواجهون نظاماً مغامراً ومن دعاة الحرب. لنفترض أن سفينة إيرانية قد تعرضت للتفتيش، فإما أن النظام لن يكون لديه أي رد فعل، والنتيجة ستكون أنه ضعيف جداً ومنهزم والطرف المقابل سيفهم ذلك فوراً، أو سيصل الأمر إلي نوع من الاشتباك، ونحن نعرف عواقب هذه الأمور بالنسبة لنظام في حال الاضمحلال والسقوط. ذكرت أن مبادلة اليورانيوم مع البرازيل وتركيا مناورة، لماذا؟ - عندما تأكد النظام أن قراراً لمقاطعته سيطرح في مجلس الأمن وأن هناك إجماعا دوليا ضده وحتي الصين وروسيا ستصوتان علي القرار، أراد أن يقوم بمناورة. وكان رئيس الوزراء التركي في طريقه إلي أذربيجان فطلبوا منه أن يأتي إلي طهران ليوقع علي التبادل. وبالنسبة إلي الداخل الإيراني.. هل هناك أطراف في النظام طالبت نجاد بالتراجع عن موقفه؟ - هذا صحيح فقد نشرت صحيفة «جمهوري إسلامي» التابعة لرفسنجاني افتتاحية بعنوان: «كل خطوة للوراء ستواجه بعدة خطوات من تقدم الغرب» وخاطبت الصحيفة محمود أحمدي نجاد قائلة «إنك وقبل 8 أشهر قلت شخصيا نحن لا نحتاج أبدا إلي التبادل ولدينا علماؤنا الذين يستطيعون تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة. تقصد أن إيران أخطأت في تقديرها، وفشلت في تفادي المواجهة مع الدول الغربية؟ - نعم كان هناك خطأ، هذه الديكتاتورية لم تأخذ في الاعتبار الظروف الراهنة، فالنظام الحاكم في إيران الآن يواجه مشكلات وصعوبات كبيرة، ففي الداخل يواجه هذا النظام انتفاضة مستمرة منذ سنة وانكسرت شوكة ولاية الفقيه التي هي في ثقافة الملالي تسمي ب«عمود خيمة النظام». هل يكفي إصدار القرارات لكي تتراجع إيران عن موقفها بخصوص المسألة النووية؟ - القرار 1929 يعد رداً ضرورياً ولكنه غير كاف علي نظام عرَّض، من خلال خرق القوانين والاتفاقيات الدولية، الأمن والسلام في المنطقة والعالم للخطر. وكما أكدت المقاومة الإيرانية أكثر من مرة فإن الملالي يعتبرون أية محادثات ومساومات من قبل المجتمع الدولي علامة ضعف من قبل المجتمع الدولي ومشّجعاً لمواصلة مشاريعهم النووية. إن الملالي يعتبرون القنبلة النووية والسيطرة علي العراق ركيزتين أساسيتين لمواصلة سلطتهم اللاشرعية وإنهم غير مستعدين للتخلي عنهما. إن الحل النهائي للتخلص من كابوس المتطرفين الإرهابيين المسلحين بقنبلة نووية يكمن في تغيير ديمقراطي في إيران. ولذا فإن التصرف الصحيح حيال هذا النظام يتمثل في تبني حزم شامل، أي السياسة التي تتضمن العقوبات الشاملة النفطية والتسليحية والتكنولوجية والدبلوماسية من جهة والاعتراف بحق الشعب الإيراني في المقاومة ضد الفاشية الدينية ورفع القيود المفروضة علي المقاومة الإيرانية من جهة أخري. وأقول بشكل صريح، إن مسألة إسقاط النظام الإيراني هي واجب الشعب الإيراني ومقاومته العادلة وما يجري هذه الأيام في الشوارع الإيرانية من انتفاضة، يمكن أن يحقق التغيير الديمقراطي وإسقاط النظام الحاكم الجائر برمته في إيران. وما رأيك في الحل العسكري؟ هل أصبح ضرورة لتغيير النظام؟ - الحل العسكري ليس هو الطريق الصحيح، بل هناك حل طرحته المقاومة الإيرانية وهو التغيير الديمقراطي علي يد الشعب الإيراني. أخيراً، ما تقييمك لدور وكالة الطاقة الذرية في أثناء تولي محمد البرادعي رئاستها.. ولطريقة تعاملها مع الطموحات النووية الإيرانية؟ - لقد تقدم النظام الإيراني في المجال النووي في فترة رئاسة محمد البرادعي للوكالة الدولية للطاقة الذرية وهي الفترة التي لم تتصرف فيها الوكالة مع هذا النظام بشكل حازم. وإذا ما تصرفت الوكالة في حينها تصرفاً حازماً مع الملف النووي الإيراني، كان من الممكن أن يمنع تقدم النظام الإيراني في مشاريعه النووية بشكل مبكر جدا لكي لا يواجه الآن العالم بخطر نظام متطرف مسلح بقنبلة نووية.