مع كل تحرك، أو خطوة للسياسي اللبناني المخضرم سمير جعجع رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية يصيب التوتر عاصمتين إقليميتين علي الأقل وإذا كان هذا التحرك باتجاه مصر فإن دائرة المتوترين تجدها تتسع لتشمل أطرافًا عدة ومرجع ذلك أسباب عديدة بعضها يتعلق بوضعية جعجع داخل المعادلة السياسية اللبنانية والبعض الآخر يتعلق بأي اهتمام مصري تجاه لبنان وما يمثله من تحدِّ للمخطط الهادف لهدم الدولة اللبنانية. وقبل أيام قام جعجع بزيارة شديدة الأهمية لمصر والتقي القيادة السياسية المصرية بالإضافة إلي لقاءات عقدها مع كبار المسئولين المصريين يتقدمهم وزير الخارجية أحمد أبو الغيط والوزير عمر سليمان وقبل أن تصل الطائرة التي تقل جعجع للقاهرة وقبل أن تطأ قدمه أرض مصر ترجم المعسكر المصاب بفوبيا جعجع توتره إلي تقارير اعلامية مفادها أن مصر باستقبالها سمير جعجع تحاول أن تثبت أنه مازال موجودًا ومؤثرًا .. حسنًا إذا لم يكن سمير جعجع موجودًا ومؤثرا والشارع المسيحي داخل لبنان ينحاز إليه لماذا انزعجتم؟ ولماذا تسعي سوريا تحديدًا إلي تحجيمه وحصاره داخل لبنان سياسيًا بعد اعتقاله خمسة عشر عامًا فور دخول القوات السورية للبنان وأفرج عنه عقب «جلاء» القوات السورية عن الأراضي اللبنانية مباشرة بمطالبة وقع عليها مائة نائب لبناني من أصل مائة وثمانية وعشرين نائبًا هم قوام المجلس النيابي في لبنان . سمير جعجع أخطأ في حق لبنان مثلما أخطأ جميع اللبنانيين في الحرب الأهلية التي كانت الأبشع في تاريخ المنطقة العربية ولكن تم إبعاد الجميع عن الصورة ووضع جعجع «كبش فداء» لهذه الحقبة ولعل الاستقبال المصري له وعلي هذا المستوي هو خير دليل علي أن هذا الرجل يسعي لما فيه صالح بلده الذي يتعرض لتهديدات كافية لأن تطيح به من الخريطة السياسية العربية. جعجع لم يرتجف عندما ارتجف آخرون من سلاح حزب الله في اليوم المشئوم المعروف بالسابع من أيار، جعجع يريد لبنانًا حرًا ذا سيادة علي أراضيه، جعجع أدرك مصر.. ومصر ترحب به.