نائمون في الشوارع .. معرضون دائماً للخطر .. مفتقدون للحماية .. لا يجدون ما يسد جوعهم ويروي ظمأهم .. انهم المرضي العقليون الذين تزايدت اعدادهم خلال الاونة الاخيرة في شوارع وحدائق الثغر ليتخذوا منها مأوي لهم ويتجه بعضهم الي التسول ويتحول البعض الاخر الي مجرمين ولكن بدون مسئولية عن تصرفاتهم! هؤلاء المرضي تركتهم اسرهم في الشارع بعد يأسها من علاجهم ليتركوا ضحية لضعاف النفوس خاصة الاناث منهم اللاتي يتعرضن لجميع الانتهاكات. "روز اليوسف" رصدت الظاهرة الخطيرة التي تنتشر يوماً بعد الاخر في عروس البحر. محمد عبد الصبور "موظف" يقول ان عدد المرضي العقليين والنفسيين تزايد خلال الاونة الاخيرة في الشوارع والحدائق التي تحولت الي مأوي لهم مشيراً الي انه يفاجأ يومياً اثناء نزوله من مسكنه بمنطقة بوالينو في محرم بك بخمسة مرضي يطلبون من السجائر واية نقود لشراء الطعام. وأضاف "عبد الصبور" انه فوجئ يوماً اثناء عودته من عمله في ساعة متأخرة من الليل بامراة ترتدي ملابس رثة في ميدان محطة مصر ويبدو عليها مرضها العقلي تشير له لاقترب منها وخشي ورفض الذهاب اليها مضيفاً : لكن بالتأكيد هناك من يستغل مرضها وغيرها ووجودها في الشارع في ساعات متأخرة! ويشير سمير علي "عامل" الي انه شاهد مريضة عقليا في شهور حملها الاخيرة تسير في الشارع وتهذي بعبارات غير مفهومة وبالطبع لا تدري من والد طفلها متسائلا لماذا يترك هؤلاء المرضي في الشوارع بدون رعاية؟ وتؤكد حنان عبد العزيز رئيس لجنة المرأة والطفل بالمجلس المحلي لحي غرب انها شاهدت شخصًا منذ شهرين يحاول الاعتداء في الصباح الباكر علي مريضة عقلية كانت تتخذ من الحديقة العامة بالمكس مأوي واخذت هذه المراة التي يتجاوز عمرها الاربعين في الصراخ والاستغاثة بالمارة الذين انقذوها من هذا المجرم واوسعوه ضرباً إلا ان مصير المريضة كان الطرد من الحديقة بدعوي تسببها في مشاكل لحراسها! ولفتت "عبد العزيز" الي ان هذه الواقعة دفعتها للتقدم بطلب احاطة للمجلس في شهر فبراير الماضي لمناقشة ظاهرة انتشار المرضي العقليين في شوارع الثغر والخدمات والرعاية المقدمة لهم إلا انها فوجئت برد المسئول حمدي ربيع مدير عام ادارة غرب الاجتماعية عندما اكد ان الادارة تقدم مساعدات ومعاشات للاسرة التي ينطبق عليها القانون والمرضي العقليين والمحتاجين ولكنها ليست جهة اختصاص بايداع هذه الحالات بمستشفي الامراض النفسية والعقلية لان ذلك يستلزم اجراءات قانونية خاصة بدءا من عمل محضر بقسم الشرطة ثم ابلاغ شرطة الاداب ثم قرار من النيابة لايداع الحالة بالمستشفي. واضافت "رئيس لجنة المرأة " انها علمت ان من يريد مساعدة هذه الحالات سيقع في ورطة لانه مطالب بتحرير محضر وايداعها في المستشفي علي نفقته الخاصة ومسئوليته متسائلة : كيف نتركهم في الشارع وخاصة النساء اللاتي ينمن شبه عرايا ونجعلهن فريسة لذوي النفوس الضعيفة؟ وأشارت الي انه تم احالة طلب الاحاطة للمناقشة في لجنة المراة والطفل بالمجلس المحلي للمحافظة منذ شهرين ولم يتم مناقشته حتي الان. وتقول د. ايمان عبد الحكيم استشاري العلاج النفسي ان مستشفي الامراض العقلية ليست مكانا للايواء ولكن للعلاج لافتة الي ان المرض العقلي مثل اي مرض عضوي قابل للعلاج ولكن ثقافة المجتمع توصم هذا المريض ليظل في نظر أهله ومجتمعه مريضا مدي الحياة. وأبدت "استشاري العلاج" اسفها لعدم اهتمام بعض الأهالي باستمرار علاج هؤلاء المرضي بعد خروجهم من المستشفي وشعورهم بالتحسن مما يعرضهم للانتكاسة والاضطرابات مرة اخري مطالبة بضرورة تغيير ثقافة المجتمع في التعامل مع المرض العقلي والنفسي مثل اي مرض عضوي. ويؤكد د. ممدوح ابو ريان مدير مستشفي الامراض العقلية والنفسية بالمعمورة ان المستشفي يقدم خدمة علاجية لجميع مرضاه الي ان يخرج المريض لاهله ولكنه لا يجد رعاية اسرية ومجتمعية مما يتسبب في تدهور حالته موضحاً ان بعض الاهالي يتهربون من استلام مرضاهم لانهم يتعاملون مع المرض علي انه ابدي وليس له شفاء. واوضح "ابو ريان" ان ادارة المستشفي ترسل عدة خطابات لاهالي المرضي لاستلامهم إلا انهم يتهربون وبعضهم يعطي عناوين خطأ حتي لا يستدل عليهم مشيرا الي انه يوجد بالمستشفي بعض الحالات منذ عشرين عاما لهذه الاسباب. وأضاف مدير المستشفي ان العلاج الحديث لهذه الحالات يستغرق من شهر الي 6 اشهر يخرج بعدها المريض ليعيش حياته الطبيعية واذا حدثت انتكاسة يعود مرة اخري للمستشفي لافتا الي وجود 11 قسماً بالمستشفي للامراض النفسية والعقلية وقسمين لعلاج الادمان بقدرة استيعابية 948 مريضاً في الوقت الذي تصل نسبة الاشغال الي 80%. وعن اجراءات دخول المستشفي يقول "ابوريان" ان القانون الجديد للمرض النفسي الذي صدر في العام الماضي لا يشترط تحويل قسم الشرطة للمرضي بل يتطلب البطاقة الشخصية للمريض واحد افراد اسرته او اخصائي اجتماعي فقط مؤكدا ان هذا القانون ساهم في تبسيط اجراءات دخول المستشفي للعلاج إلا انه يحتاج دور الرعاية المجتمعية والتشجيع علي تواصل المرضي مع مجتمعهم.