ليست كل الأسباب الحائلة دون مشاركة المرأة في العملية السياسية، واندماجها في الانتخابات، أسباباً خاصة بالرجل ومعارضته لهذا الاتجاه، كما أشرنا في مقال الأمس، ولكن هناك عوامل كثيرة أيضاً خاصة بالمرأة ذاتها.. وإذا أرادت المرأة أن تصبح عضواً فاعلاً في الحياة السياسية فعليها أن تتخلص من هذه العوائق الذاتية، وأن تمهد الطريق أمام نفسها في هذا المجال.. المرأة لا تريد أن تتعب، ولا تريد أن تبذل الجهد الكافي لتفعيل دورها في المجتمع.. المرأة في بلادنا تريد أن يذهب إليها الرجل بهذا الحق.. تعودت المرأة أن يمنحها الرجل بعض حقوقها، ولم تعد قادرة في الأغلب علي أن تنتزع لنفسها حقاً، أو تحصل عليه بدون موافقته.. وكما أقول دائماً " من تعود علي أن ينْقل، لا ينتقل"، وهذا هو حال المرأة.. كثير من السيدات الفضليات يتحدثن عن تعنت الرجل، وعن أنانية الرجل، وعن تضييق الخناق عليهن، ولا واحدة منهن تتحدث عن سلبية المرأة، وعن تواكل المرأة ، وعن استسهال المرأة.. التاريخ يقول : الحقوق لا ُتمْنح بل تُنْتزع انتزاعاً. صورة المرأة عن نفسها عامل آخر من العوامل العائقة لاشتراك المرأة في العملية السياسية، وفي الانتخابات. المرأة تنظر للمرأة التي تشترك في هذه العملية علي أنها "مسترجلة"، وعلي أنها تلعب في غير ملعبها، وتؤدي دوراً لم يكن مكتوباً لها.. كثير من السيدات في مصر غير مقتنعات بالدور السياسي للمرأة.. وبعضهن يرددن أشياء لو صحت لقضت علي البقية الباقية من نضالهن، والمشاركة السياسية للمرأة لا تزال لدي المرأة في إطار الاستثناء الذي لا يجب بأي حال من الأحوال أن يشكل القاعدة.. خوف المرأة من نتائج المشاركة في العملية السياسية سبب آخر.. السياسة في كثير من الأحيان لها وجهها القبيح.. وألاعيب السياسة وأساليب البعض ممن يشتركون في هذه العملية ليست علي المستوي المطلوب.. كثير من السيدات يبتعدن عن السياسة من قبيل المحافظة علي السمعة، ومن قبيل المحافظة علي الشكل العام.. لن تغفر الأسرة ولن يغفر المجتمع أي شائعة يتم إطلاقها عن أي "مرشحة" أو فاعلة سياسياً ، الطعن في ذمم الرجال قد يمر أحياناً، والتشكيك في الالتزام الأخلاقي لبعض المرشحين الرجال قد "يعدي" أحياناً، غير أن التشكيك في ذمة السيدات ، والطعن في أخلاقهن قد يصبح غير مقبول اجتماعياً وأسرياً.. فالتصديق هو الاحتمال الأول، والدمار الأسري هو الاحتمال الأول كذلك.. السياسة فيها نوع من وجع الدماغ الأسري والاجتماعي لكثير من السيدات، ولذا كثير من السيدات يرددن مع الشيخ محمد عبده مقولته الشهيرة "لعن الله ساس ويسوس" وكل ما يتعلق بالسياسة. دعونا نعترف بأن الفرصة سانحة في هذه الأيام أكثر من أي وقت مضي لكي تحصل المرأة علي حقها.. غير أن ذلك لن يتم بسهولة.. وما لم تجاهد المرأة نفسها، وتدافع عن حقها، فقد تصبح هذه الفرصة مجرد سراب يحسبه الظمآن ماء!