لم يمض أكثر من يوم واحد علي الخسارة الدبلوماسية التي لحقت بإسرائيل في مؤتمر مراجعة انتشار الأسلحة النووية حتي قام الإسرائيليين بمجزرة وحشية جديدة تكشف مجددًا أن دولتهم عنصرية وإرهابية.. كأن الإسرائيليون يحاولون الرد علي الإجماع الدولي بإخضاع منشآتهم النووية لرقابة وتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبإلزامها بنزع أسلحتها النووية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. لقد كان أقصي ما يتوقعه الذين يشاركون في أسطول الحرية الذي حاول كسر الحصار الإسرائيلي الجائر علي غزة أن تحاصرهم القوات الإسرائيلية، وأن تقتاد السفن الست التي يتكون منها الأسطول إلي ميناء أشدود الإسرائيلي واعتقال عدد منهم وطرد الباقين مع مصادرة ما يحملونه من مساعدات لأهالي غزة المحاصرين. لكن ما حدث فاق كل التوقعات.. هاجمت القوات الإسرائيلية بقسوة سفن الأسطول وقتلت وجرحت عددًا كبيرًا من المتضامنين الدوليين مع أهالي غزة. إنها جريمة وحشية جديدة ارتكبها الإسرائيليون مجددًا.. جريمة ليست ضد أهالي غزة وحدهم.. وإنما ضد كل الدول التي شارك مواطنون لها في التضامن مع أهالي غزة وكانوا علي متن أسطول الحرية. جريمة تستحق كل الشجب والإدانة والاستنكار فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا، خاصة أنها تمت في المياه الدولية قبل أن تصل السفن إلي المياه الإقليمية لقطاع غزة، كما أن القتل كان متعمدًا بشكل واضح وسافر بغض النظر عن الإدعاءات الإسرائيلية بأن قواتهم اضطرت لإطلاق النار بعد أن استولي أحد المتضامنين علي سلاح جندي إسرائيلي. لكن الشجب والإدانة والاستنكار لم يعد يكفي الآن.. المطلوب الآن حركة دولية تستهدف أولاً فك الحصار الجائر عن غزة وأهلها، وتستهدف ثانيًا عقاب الإسرائيليين علي جريمتهم البشعة. هذه الجريمة يجب أن تكون بداية لتحرك واسع وشامل لا يتوقف ولا يهدأ حتي يتم فك الحصار الجائر الذي يفرضه الإسرائيليون علي غزة.. يتعين أن يكون هذا الهدف واضحًا.. لا يكفينا الآن استدعاء عدد من الدول للسفراء الإسرائيليين وتقديم الاحتجاجات الدبلوماسية، وإنما يتعين أن تتفق التجمعات العالمية والإقليمية والمنظمات الدولية، وفي مقدمتها مجلس الأمن علي قرار وليس بيانًا لإنهاء هذا الحصار وفورًا، وإذا لم تمتثل إسرائيل لذلك يتم إخضاعها للبند السابع مثلما حدث مع العراق من قبل، أو فرض عقوبات عليها مثلما يحدث مع إيران الآن. لا يجب أن نقلل من سقف تحركنا الدولي.. إنما يجب أن يكون هذا السقف هو إنهاء الحصار وبدون تلكؤ.. والفرصة الآن مواتية لأن كثيرًا من الدول غير العربية صار لها الآن ضحايا للإسرائيليين ودماؤهم لم تجف بعد. فلنضع أيدينا نحن العرب في أيدي الأتراك واليونانيين والإسبان وغيرهم حتي نضمن اتخاذ موقف دولي صارم ضد الإسرائيليين، من أجل إنهاء الحصار الجائر المفروض علي أهالي غزة. إنها معركة دبلوماسية وسياسية يجب أن نخوضها بكل همة وكل قوة واختبار يجب أن نضع جميع الفرقاء الدوليين فيه لنحدد موقفنا نحن العرب تجاههم، وعلي رأس هؤلاء الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي لم يعجب رئيسها أن يلزم مؤتمر المراجعة إسرائيل بإخضاع منشآتها النووية للتفتيش النووي وبالتخلي عن أسلحتها النووية. وسوف نكسب هذه المعركة فقط إذا آمنا أننا قادرون علي كسبها.