كما تخيلت حينما كتبت عن قضية المياه ودول الحوض أو في مقال آخر دول المنبع والمصب، بأن تدخل القيادة السياسية في مصر في هذا الملف ، أصبح له ضرورة واعتقدت بأن السيد الرئيس قد تناول هذا الملف بالفعل وكانت المؤشرات هو تحرك الوزير «عمر سليمان» إلي بعض دول الحوض ودعوة رئيس دولة كينيا ورئيس وزراء إثيوبيا وعدد من المسئولين في تلك الدول الشقيقة إلي لقاءات في القاهرة. إلا أن هناك أيضاً تصريحات رائعة للسياسي الكبير «صفوت الشريف» أمين عام الحزب الوطني ورئيس مجلس الشوري في هذا الخصوص نافياً أن يكون لنا (مصر) نية في المواجهة مع دول حوض النيل لأي سبب حيث إن العلاقات التي تربط تلك الدول علاقات عضوية لايمكن قصمها. ولعلنا نعود لبداية فتح هذا الملف قبل أن يترك الوزير «محمود أبوزيد» منصبه ونحن نتحدث عن ملف الدول الأفريقية بصفة عامة وحوض النيل بصفة خاصة ولعلي في العام الماضي حينما تعددت مقالاتي في هذا الاتجاه وجدت رد فعل من بعض رجال الأعمال الذين رغبوا في تنظيم رحلات إلي عواصم دول حوض النيل لفتح معابر تجارية وكان هناك اقتراح بأن تقدم الجامعات الخاصة مبادرة بالتبرع بمنح دراسية جامعية وأيضاً ما قبل الجامعي وحتي درجة الدكتوراه لشباب من دول حوض النيل أسوة بما كان يتم في الخمسينيات والستينيات من الزمن الماضي في جامعاتنا وأزهرنا الشريف. واستجابت الجامعة البريطانية علي لسان رئيس مجلس أمنائها (محمد فريد خميس) بخمسين منحة دراسية جامعية وكذلك جامعة سينا علي لسان(د/حسن راتب) بمثلها ولكن للأسف الشديد لم تتلقف هذه المبادرات أي جهة مسئولة لكي تدير هذا الملف وأعتقد بأنه منذ نزوح الأستاذ الدكتور «بطرس بطرس غالي» (شفاه الله) عن منصبه كوزير دولة للشئون الخارجية وتوليه منصب السكرتير العام للأمم المتحدة عام 1991 تُرِكَ ملف أفريقيا تماماً لبعض كبار موظفي الخارجية المصرية !!. وأعتقد بأن الفارق عظيم بين أكبر موظف في الخارجية وسياسي عظيم مثل «د/بطرس بطرس» أو حتي وزير سياسي آخر مختص بهذا الملف الحيوي وهو علاقة مصر بدول أفريقيا جميعها . تركنا هذا الملف لكي يقفز عليه أحد أشقائنا وهذا ليس بعيب بل نحمد الله علي أن الشقيق الليبي قد قام بالدور الناقص لدينا(بالصدفة) وقفز علي ملف حوض النيل أصحاب مصالح وهم متعددون (مصالح اقتصادية أو سياسية للضغط علي دول المصب). ولكن الأهم هنا كما جاء علي لسان الأستاذ «صفوت الشريف» بأن التكامل بين مصر وأشقائها هو ملف شديد الحساسية وشديد الأهمية فنحن لن نقبل أبداً أن نترك جزءاً من جسم الوطن معتلاً -ودول حوض النيل هو الجسم كله والرأس هي «مصر». فلتكن تلك القمة المنتظرة بين الرئيس مبارك وزعماء دول حوض النيل المشاركين في مؤتمر أفريقيا في باريس تكون النقاط فوق الحروف وتكون الرأس فوق الجسد. وتدعو للجسم كله بالعافية وزينة العقل والعودة إلي الأهل !!