لماذا لا ينشئ الحزب الوطني أمانة لمشاكل الجماهير؟ 1 -المناظر كانت سيئة وشائنة، حين خلع بعض المعتصمين ملابسهم العلوية، وظهروا بكروشهم العارية يصرخون ويهتفون أمام الكاميرات والمارة.. إنها فضيحة بمعني الكلمة. - المناظر كانت أكثر سوءًا وبعض المعتصمين ينامون علي الأرصفة، وبعضهم الآخر يقضي حاجته في الشارع علي مرأي ومسمع من الجميع، والبعض الآخر يفتعل أشياء مخجلة لاستدرار العطف. - المنظر الأسوأ كان للأب الذي علق المشانق في رقاب أولاده، مع أن أولادنا وأولاد معظم الناس تأخر دخولهم المدارس بسبب السن، ولم يبادر أحد بمثل هذا الفعل الشائن. 2 - لأن مصر فيها الأشرار أكثر من الطيبين، فقد بدأ البعض يصدر فتاوي بجواز دفع الزكاة للمعتصمين علي الأرصفة، وبعضهم كان يشتري الخبز والأطعمة الجاهزة ويقدمها لهم. - ولأن الرصيف ليس له قانون يحكمه، تطورت وسائل التعبير من النوم علي الرصيف، إلي النوم وسط الشارع وقطع الطريق العام وإحداث الضوضاء بالصفارات والخبط علي الصفيح والجدران والطبول. - تطورت وسائل الاحتجاج مرة أخري برمي «المتاريس» الأمنية علي السيارات ومحاولة اقتحام مجلسي الشعب والشوري، واستفزاز رجال الشرطة والدخول معهم في مواجهات سخيفة. 3 - وسائل الإعلام، خصوصًا الفضائيات، قامت بتكبير الصور البشعة وإظهار المعتصمين علي أنهم ضحايا ومقهورون ومعذبون وأن الدنيا ضاقت بهم، فجاءوا إلي الرصيف. - مثل الشحاذ الذي يشحّذ بعاهته أو ذراعه المبتورة،جعلت الفضائيات هؤلاء المعتصمين مثل العاهات الذين تشحذ بهم لكسب أكبر نسبة من المشاهدين والإعلانات. - ليس مهمًا استجلاء الحقيقة، أو مقابلة المسئولين، أو الطرح البريء للمشاكل ، لكنهم يتعمدون استغلال المشهد إلي أقصي درجة، والبكاء التمثيلي علي هموم ومشاكل المعتصمين. 4 - بعض هؤلاء المعتصمين لهم مشاكل حقيقية، ويجب أن تتوافر في المجتمع أدوات وآليات لوصول شكاواهم إلي المسئولين وحلها، دون إهمال أو تعنت أو تعذيب. -المشكلة الأساسية أن بعض المسئولين لا يجيدون إدارة المشاكل والأزمات، ولا يصلحون للبقاء في أماكنهم، وهم الذين يصنعون الأزمات ويصدرونها للدولة. -المشكلة الأخري هي انسداد القنوات التي تنقل شكاوي الناس، وأخص بالذكر الحزب الوطني الذي يجب أن يبادر فورًا بإنشاء أمانة للمشاكل الجماهيرية، تكون مهمتها تلقي شكاوي الناس. 5 - أحزاب المعارضة التي صدعت رءوسنا بالهجوم والبحث عن شماعة تعلق عليها فشلها، لم تشغل بالها بمحاولة الاقتراب من هؤلاء ودراسة مشاكلهم واقتراح الحلول لها. - المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان، لا يشغل بالها إلا الجري وراء الحوادث التي تقع في أقسام الشرطة، مع أن مشاكل هؤلاء المعتصمين هي من أهم قضايا حقوق الإنسان. - وسائل الإعلام، نصفها يحرض ونصفها ينام في العسل والبصل، هذا مثل ذاك، ولا فرق بين من يحرض جهرًا، وبين من يصمت علنًا. 6 - إذن - وهذا رأيي -لم تكن ظاهرة المعتصمين علي الأرصفة صحية، ولا ديمقراطية، ولا علامة من علامات تطور المجتمع، ولا شاهدًا علي رقي الشرطة في تعاملها مع المعتصمين والمتظاهرين. - هي ظاهرة مرضية وفضائحية وتكشف سوءات وعورات الجميع، سواء من يحاول أن يداري العورة بورقة توت أم من يحاول تكبيرها وتضخيمها أمام الكاميرات. - تكون ظاهرة صحية وديمقراطية إذا التزمت بوسائل متحضرة وراقية، ولم تتعمد الإساءة والتشويه، وانتهت إلي حلول ترضي الجميع، وليس إلي تصعيد يضر الجميع. 7 -الرصيف ليس الحل، وأتصور أن العودة إليه أصبحت مستحيلة، ولذلك يجب البحث عن وسائل أخري للتعبير السلمي عن المطالب المشروعة وتأمين وصولها إلي المسئولين. - ويجب تفعيل إدارات الشكاوي وتزويدها بمسئولين لهم عقول متفتحة، لأننا مازلنا حتي اليوم نعتبر «الشكوي عداوة»، ومن يشكو فهو عدو يجب تأديبه وتهذيبه. - ويجب فصل الطيب عن الخبيث، وتوضيح الحقائق للناس، واستنهاض روح الإعلام الشفاف، الذي يحصل علي الحقيقة من جميع أطرافها وليس من طرف واحد. E-Mail : [email protected]