هو نجار ريفي كان يعبر النهر إلي موقع العمل عندما وقع منه المنشار في الماء وغاص في القاع، استولت علي الرجل حالة من الضياع إلي الدرجة التي جعلت جنية في السماء من ذلك النوع الذي يهتم بمساعدة البشر، تنزل مسرعة كالشهاب وتغوص في النهر ثم تخرج له منشارا من الذهب، سألته: هل هذا هو منشارك؟ فأجاب في تعاسة: لأ.. فغاصت مرة أخري ثم طفت علي سطح الماء ومعها منشار من الفضة وصاحت: هل هذا هو؟ فأجابها: لا .. يا سيدتي الجنية. وفي المرة الثالثة، غاصت ثم عادت ومعها منشار حديدي، فصاح الرجل فرحا: نعم يا سيدتي.. هذا هو. فخرجت الجنية من الماء واقتربت منه وقالت له في رقة: أنت شخص أمين وقنوع في عصر امتلأ بالطماعين.. لا تريد شيئا أكثر مما لديك، اسمح لي أن أهديك هذه المناشير الثلاثة تقديرا لقناعتك وأمانتك. قالت ذلك وعادت إلي قاعدتها التي تبعد مئات السنين الضوئية، وبعد أسبوعين حدثت لنفس النجار كارثة مفجعة، هذه المرة لم يسقط المنشار في النهر، بل زوجته المسكينة، سقطت وغاصت علي الفور في النهر وكأنها صخرة، فصرخ الرجل وقد رفع عينيه إلي السماء: الحقيني يا سيدتي الجنية.. الحقيني يا راعيتي. في أقل من الفيمتوثانية هبطت الجنية مندفعة كالصاروخ وغاصت في النهر ثم عادت بعد أقل من ثانية واحدة، وهي تحمل علي يديها جسم امرأة شابة، علي الفور أيقن الرجل أنها ليست زوجته، فهذه الأنثي ذات جسد انسيابي جميل بينما جسم زوجته أشبه بالبرميل، استولت عليه الدهشة والحيرة بينما الجنية ترقدها علي شاطئ النهر، ثم تضغط علي جسمها لكي تخرج المياه من جوفها، الحمد لله, هي حية، تأملها الرجل، كانت صورة طبق الأصل من هيفاء وهبي، عادت الجنية تسأله: هل هذه هي زوجتك..؟ فرد في حماس: نعم يا سيدتي.. إنها هي.. وهنا تحولت الجنية الجميلة الرقيقة إلي عفريت شرير وصاحت فيه بغضب: زوجتك يا كداب يا نصاب.. هو أنا ماعرفش مراتك؟ يا غشاش يا مجرم.. هذه نسخة معدلة من هيفاء وهبي أجمل من هيفاء نفسها.. لقد خدعتني.. ظننتك أمينا.. حالا سأعيد لك زوجتك ثم أفكر في حكم فظيع أصدره عليك أيها الرجل عديم الأمانة. وهنا قال النجار بثبات: يا سيدتي الجنية.. اسمعي دفاعي قبل أن تصدري حكمك علي.. نعم لقد أخطأت ولكنه خطأ ناتج عن أسباب نبيلة وإنسانية.. لقد خشيت أن أقول لك إنها ليست هي فتغوصين مرة أخري وتأتيني بنسخة من إليسا، وعندما أقول لك ليست هي، تغوصين مرة ثالثة وتأتيني بنسخة من نانسي عجرم, وعندما أقول لك ليست هي، تأتيني بزوجتي في النهاية.. ولأنك جنية كريمة فستقومين بإهدائي الثلاث سيدات تقديرًا لنزاهتي وأمانتي.. وبالطبع لن أستطيع أن أرفض لك طلبًا، وتكون النتيجة أن آخذ النساء الأربع معي إلي البيت.. لا إمكانياتي الجسمانية ولا المادية ولا النفسية تسمح لي بتلبية احتياجاتهم، ولذلك فضلت أن أضحي بزوجتي للخروج من هذا المأزق علما بأنني لم أكن أتصور أنها ما زالت علي قيد الحياة. ما رأيك في تبريرات الرجل التي ساقها دفاعا عن نفسه؟ أليست منطقية؟ نعم، ولكنه المنطق الصوري الذي يستخدم عادة في ترويج الأكاذيب ولي عنق الحقائق، لقد رفض المنشار الذهبي ليس لأمانته بل لأنه يعرف أنه سيقبض عليه بعد دقائق من محاولة بيعه، أما هيفاء.. فلابد أن يكذب طبعا, هو رجل وليس حمارا.