في حياتنا السياسية صورة غير مرغوب في وجودها أو في استطراد نموها في المجتمع، وهي سمة تقترب من الأمثال الشعبية «مش عاجبه العجب ولا الصيام في رجب»!! يتميز بها أغلبية من مثقفي الأمة، وتجدهم معك في مجال عملك سواء في الجامعة أو في النوادي أو في المنتديات أو في زملاء رحلة أو حتي بعض مجالسيك في المقهي، فهم غير راضين عن السياسات القائمة وغير راضين عن اسلوب كذا، وغير مقتنعين بأفكار فلان أو علان وكثير من المناقشات التي تزداد سخونة لو كان هناك من يهتم بالمناقشة بإيجابية ومحاولة الخروج من الجلسة بفكرة أو أقتراح أو منظور آخر يمكنه «الناشط أو الايجابي» أن يفيد به أو يستفيد منه!! ولكن تعلو وتزداد المناقشات وتهبط وتهدأ وتنتهي إلي لا شيء!! وهذا من وجهة نظري هو كفاح سلبي كما هو الموقف السلبي الذي تتخذه فئات كثيرة من المجتمع، بأن تمتنع عن المشاركة الايجابية فنجد أن الأغلبية لا تحوز بطاقة انتخابية ونجد أن الأغلبية العظمي أيضًا حينما تدعي للإدلاء برأي في محفل رسمي، فلا تجد أحداً منهم، ورغم أن كل ما يتشدق به البعض من هؤلاء الصامتين فإن كلامهم «كالزبد» لا جسم له ولا كيان. ولعل ما ينطبق علي غالبية المثقفين المصريين ينطبق أيضًا علي أنشطة سياسية اقليمية، فما ينطبق علي الفرد ينطبق علي دولة في بعض الأحيان، فنجد مزايدات في وسائط الإعلام لبعض الدول، وممثليها سواء في المنتديات الدولية أو الإقليمية، وتشدق بالمثل العليا، وبأهمية الوحدة وأهمية توحيد الكلمة أمام هدف واحد وتطبيق ذلك عمليا، إما ماديا أو تصويتًا في محفل إقليمي أو دولي أو نبذ خلافات دفينة، سرعان ما تظهر حينما يتبدي الموقف أننا في احتياج للمشاركة الفعلية، فنجد أيضًا «الزبد» اللا كيان واللا قوام!!. وهذا أيضًا ينطبق علي أهم قضايانا الوطنية العربية، وهي قضية الوطن المسلوب «فلسطين»، فنسمع من بعض العواصم العربية ما يحلو لنا سمعه والغناء به، ولكن تحت كل هذه الملاسنة الجميلة نجد ملاسنة سامة بين الجماعة نفسها بل هي منقسمة علي بعضها، وهي تحمل الخناجر لأطرافها تحت طيات الملابس، بل تقوم بتصفية أعضائها تصفيات جسدية. ولعل أنهاراً من الحقد والكراهية تصيب التجمع المفترض فيه أنه واحد وأن أهدافه وأمله في الحياة هو التجمع وليس الفرقة ولكن هذا هو الكفاح السلبي، ونحن نرفضه علي المستويين المحلي والإقليمي والمستوي الدولي. والأحق بالاهتمام هو ذلك الشق المحلي الذي يجب أن ننتهي منه فورًا!!