أهداني مؤخراً المطرب الشاب جوني ألبومه الغنائي الأول (مطر عطشان) عن طريق صديق مشترك بيننا، ومرت عدة أيام قبل أن أتمكن من سماع الألبوم بالكامل الذي تعجبت كثيراً لاسمه ليس فقط لكونه غير تقليدي، ولكن لما يحمله من مشاعر عبرت عنها كلمات أغاني الألبوم بشكل دقيق. سمعت ألبوم (مطر عطشان) من مجرد منطق السمع، وليس من مدخل النقد الفني.. الذي أحرص دائماً علي أن أكون بعيداً عنه لعدم الدخول في توازنات النقاد ومهاترات حساباتهم الغنائية لصالح (س) ضد (ص) أو العكس، وهو المنطق الذي يسمع الكلمات وتأثيرها ودلالتها في الأغنية. وأعترف بأنني نادراً ما أسمع أغاني جديدة باستثناء محمد منير ومحمد فؤاد وفضل شاكر.. ومن قبلهم فيروز بشكل خاص، ورغم ذلك.. فإن ألبوم (مطر عطشان) يجبرك علي سماع أغانيه لأنه يمثل حالة مصرية.. أصبحت نادرة في مجتمعنا الآن. وربما هذا هو ما جعل قناة مزيكا تتبني هذه الموهبة الشابة وتصدرها في ألبوم جديد.. يتضمن 10 أغان جديدة هي: اشتقتلك- كرسي القهوة-ذكريات حلم-من حق كل واحد- شغل جنان-مطر عطشان-لازم-أتعلمت. ثم أغنية رصيف روحي وهي من التراث، وأغنية رهاف. وهي من إهداء الفنان المصري القدير هاني شنودة.. صاحب الفضل في اكتشاف العديد من الأصوات الفنية الشابة. تتسم كلمات ألبوم (مطر عطشان) التي كتبها ولحنها أنطونيوس نبيل بأنها تعبير بالعامية عن الحب والمشاعر من خلال صياغات تماثل الأبيات الشعرية التقليدية، ولكن بشكل بسيط ومفهوم. فنجد كلمات الأغاني تعبر عن الشارع المصري الآن، ولكنها لا تتكلم بلغته.. حيث تحافظ الكلمات علي الحالة الرومانسية بدون ابتذال. يحسب للمطرب جوني أن كلمات أغانيه تعبر عن مشاعر وأحاسيس طبيعية.. تصل إلي كل من يسمع الألبوم الذي يمثل امتداداً لأغاني الرومانسية أو أغاني الزمن الجميل كما يحب أن يطلق عليها البعض.. أغاني الرومانسية التي تتسم بالهدوء وعدم الافتعال. أتمني أن يظل جوني كما هو.. بدون أن تبهره آليات سوق الغناء ومعايير قنوات الأغاني الفضائية التي تطلب مواصفات.. علي النقيض مما يطرحه جوني سواء علي مستوي اختيار الكلمات أو في الألحان. وهو ما يرسخ تدريجياً وجود الفن الراقي الذي يحافظ علي وجدان مستمعيه قبل أن يخاطب حالة الفوضي المجتمعية التي تبهر كل ما يدخل عالم الغناء ليشتهر وينتشر. مطر (عطشان) ألبوم قيم للفنان المبدع جوني.. يستحق أن نسمعه وسط حالة الصخب الغنائي التي نشهدها كل ساعة علي شاشات القنوات الغنائية التي زادت بشكل غير مسبوق خلال الثلاث سنوات الأخيرة. وهو نموذج يجب دعمه وتشجيعه لتأصيل قيمة الإبداع الحقيقي لدي الشباب المصري.