دخلت أزمة التليفزيون المصري وورثة موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب إلي منحني صعب ففي الوقت الذي قام فيه التليفزيون المصري بوقف التعاقد مع أبناء عبدالوهاب وعدم شراء حقوق عرض أفلام والدهم الخمسة فوجئ الورثة بأن القناة الأولي تعرض فيلم «يحيا الحب» بطولة عبدالوهاب وليلي مراد وأن الفضائية المصرية تعرض فيلم «يوم سعيد» علي شاشتها أيضا وذلك في إطار الاحتفال بذكري موسيقار الأجيال إلا أن هذا التصرف غير المنطقي أثار غضب الجميع لأنه يضرب بحقوق الملكية الفكرية عرض الحائط ولا يليق بمؤسسة إعلامية لها باع طويل في هذا المجال خاصة أن التليفزيون يعرض هذين الفيلمين بدون إذن الورثة وأنا أتساءل ماذا ستكون النتيجة إذا ما رفع أبناء عبدالوهاب دعوي قضائية علي التليفزيون المصري؟ وضمنوا عريضة الدعوي كل هذه الاتهامات بلا شك ستكون الصورة «مخزية» علي الأقل أمام الشعوب العربية التي أنشأت المعاهد المتخصصة للحفاظ علي هذا التراث وترميمه بينما تدوس قيادات ماسبيرو علي روائعه بالأقدام فهل يحافظ التليفزيون علي البقية الباقية من أفلامنا ويحتضن أفلام محمد عبدالوهاب قبل أن تسلك طريقها أيضا إلي الضياع؟ المؤشرات الأولية لا تعفي أحداً من المسئولية لأنهم ليسوا مطالبين بشراء أصول الأفلام وإنما بالاحتفاظ بحقوق بثها حصرياً علي التليفزيون المصري كجزء من الدعم الأساسي لتشكيل وجدان الناس وأنا أتعجب من الذين يعلنون براءتهم خلال المحاكمات الصحفية التي تناقش ضياع تراث السينما فهم بالتأكيد أبرياء لأنهم لم يسهموا في بيع التراث ولا دفعه للهرب إلي خزانة الوليد بن طلال وإنما لعبوا دوراً أكبر من ذلك وهو محاربة الورثة علي كل المستويات فلا هم يتعاقدون علي حقوق عرض أفلامهم علي القنوات الرسمية ولا يتجنبون عرض هذه الأفلام فأين الموقف الوطني في التعامل مع أفلام عبدالوهاب؟ وما الدور الذي تلعبه وزارة الإعلام في تحديد السياسة العامة للتليفزيون وقنواته الرسمية؟ وهل أفلام عبدالوهاب يتم استثناؤها من دائرة الاهتمام ولماذا يتم رفض أفلام عبدالوهاب وكأنها «سبة» يجب التخلص منها؟ وهل فقد التليفزيون البوصلة التي ترشده إلي الاتجاه الصحيح؟ عندما اختلطت عليه الأمور في زحمة الفضائيات أم أن الحفاظ علي التراث لم يصبح هدفاً لقيادات ماسبيرو. أنا أعتقد أن المنظومة الإعلامية للتليفزيون الرسمي تحتاج إلي إعادة هيكلة لأن الضعف الإداري انعكس بطريقة سلبية علي أداء الجهاز الإعلامي للتليفزيون بشكل عام لدرجة أنه لم يعد قادراً علي ضبط صورته العامة وغرق في الكثير من التجاوزات هل أفلام عبدالوهاب لم تعد صفقة رابحة في زمن «السبابيب والعمولات»؟ نحتاج إلي تفسير واضح لموقف التليفزيون المتخاذل تجاه «القرصنة» علي أفلام عبدالوهاب وتراثه الفني فما قاله لي محمد وأحمد وعفت وعصمت حول ملابسات عدم تجديد عقد التليفزيون معهم يعكر الدم لكنه يؤكد أن الفكر الإعلامي يحتاج إلي أيد أمينة وعقول واعية تنقذه من الانهيار.