حرية الصحافة تتراجع في معظم أرجاء العالم، للعام الثامن علي التوالي.. هذا هو أبرز ما رصده التقرير الصادر حديثاً عن مؤسسة فريدوم هاوس، وهي منظمة دولية غير حكومية تعني بإجراء الأبحاث حول حالة حريات الصحافة ورصدها حول العالم. صدر التقرير يوم 29 أبريل الماضي، تحت عنوان «حرية الصحافة عام 2010: دراسة عالمية لاستقلالية وسائل الإعلام» ليؤكد بالأرقام أنه لا يوجد سوي واحد من بين كل ستة أشخاص من مجموع سكان العالم في بلدان تتمتع فيها وسائل الإعلام بحرية حقيقية. وحسب ( جين مورس) المحررة في موقع أمريكا دوت غوف «فإن القيود المفروضة علي الصحافة تتضاعف» علي العكس تماماً مما هو شائع من أننا نعيش عصر ثورة الاتصالات وتدفق المعلومات والسماوات المفتوحة وعولمة الحريات وحقوق الإنسان! وحسب التقرير: «فإن التحسن الذي شهدته حرية الصحافة بعد سقوط جدار برلين وانهيار النظام الشيوعي في عام 1989 قد توقف، وأنه شهد انعكاساً في بعض الأحيان خلال السنوات العشر الماضية، وفي الوقت نفسه، حدث توسع كبير في وسائل الإعلام علي شبكة الإنترنت. بالإضافة إلي المحطات التليفزيونية التي تبث عبر الكيبل والقنوات الفضائية».. وخلصت مؤسسة فريدوم هاوس إلي أن عام 2009 كان عاما تميز ببذل جهود مكثفة من قبل الأنظمة الاستبدادية لفرض قيود علي جميع قنوات الأخبار والمعلومات. وذكر التقرير أن الشبكة الإنترنت ووسائل الإعلام الجديدة قد أصبحت ساحات معارك جديدة من أجل إحكام السيطرة الحكومية، مشيراً إلي أن الحكومات القمعية تحاول تقييد حرية الانترنت عن طريق رفع الدعاوي القضائية والرقابة المباشرة والتلاعب بالمحتوي والمضايقات الجسدية للمدونين. مشيراً إلي أن الحكومة الصينية، خاصة، أدخلت العديد من الطرق الجديدة للرقابة علي الإنترنت وأنها مازالت تحتل «القيادة العالمية في مجال سجن الصحفيين». أهم ما رصده التقرير في معظم أرجاء العالم هو: أن 48 في المائة فقط من البلدان في أمريكا يمكن تصنيفها علي أنه توجد بها وسائل إعلام تتمتع بحرية تامة. واعتبر أن كلاً من كوبا وفنزويلا تمتلك بيئات إعلامية «غير حرة». وكانت منطقة آسيا - المحيط الهادئ النقطة المضيئة الوحيدة التي اكتشفها التقرير، علي الرغم من أن هذه المنطقة، حسب وصفه، هي موطن لأنظمة معروفة بقمعها لوسائل الإعلام مثل كوريا الشمالية وبورما. الجديد هو أن التقرير لم يصنف سوي 12 بنداً وإقليماً في هذه المنطقة علي أنها «غير حرة». مشيراً إلي أن منطقة آسيا - المحيط الهادي ككل أظهرت مستوي عالياً نسبياً من حرية الصحافة. وذكر أن انخفاض الاعتداءات الجسدية والمضايقات للصحفيين قد أدي إلي تقليص الرقابة الذاتية في وسائل الإعلام في بلدان مثل أندونسيا. ويذكر التقرير أن دول وسط وشرق أوروبا، إلي جانب الاتحاد السوفياتي السابق، شهدت تراجعاً متواضعاً أو أنه لم يحدث فيها تغيير. ولا تزال روسيا تعتبر من بين المناطق الإعلامية الأكثر قمعية وخطورة في العالم. وانخفضت درجة حرية وسائل الإعلام في قيرغيزستان، ولكن أوكرانيا وأرمينيا ومولدوفا أظهرت تحسناً طفيفاً. أما في الشرق الأوسط، فقد أظهر التقرير أن إيران سجلت أكبر انخفاض في المنطقة هذا العام في حرية وسائل الإعلام بسبب القمع الذي مورس ضد الصحفيين في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو عام 2009 . بينما شهد العراق بعض التحسن في حرية وسائل الإعلام نتيجة لتراجع التحيز السياسي (الطائفي) والهجمات علي الصحفيين. وفي أفريقيا، يرصد التقرير انخفاضاً كبيراً في مستوي حرية الصحافة. وأنه للمرة الأولي منذ عام 1990 ، لم تحصل أية منطقة في جنوب أفريقيا علي تصنيف «صحافة حرة» وقد تغير وضع كل من جنوب أفريقيا وناميبيا بشكل يثير الدهشة من بلدان «حرة» إلي «حرة جزئياً» بينما طرأ تحسن طفيف في زيمبابوي وكينيا والسودان وموريتانيا. ترتيب مؤسسة فريدوم هاوس لبلدان أوروبا الغربية ظل مستقراً إلي حد ما. غير أن التقرير أشار إلي أن «المملكة المتحدة» لا تزال تعتبر مثار قلق بسبب قوانين التشهير الموسعة لديها.. وللحديث بقية.