حمل خطاب الرئيس مبارك خلال مشاركته العمال احتفالهم بعيدهم أمس العديد من الرسائل السياسية بالغة المضمون والدلالة، فقد طالب الرئيس العازفين علي مشاعر الجماهير بالشعارات، لأن يجيبوا علي تساؤلات البسطاء من المواطنين حول برامجهم لرفع مستوي معيشة المواطنين، وما هي آلياتهم للتعامل مع مخاطر الإرهاب وبرنامجهم بشأن السياسة الخارجية، وما الذي سيقدمونه لمحدودي الدخل، مؤكداً في كلمته الموجهة لرافعي الشعارات «إن ذلك لا يكفي لكسب ثقة الناخبين». خبراء وسياسيون تحدثوا ل«روزاليوسف» حول الرسائل السياسية في خطاب الرئيس، فقال الدكتور مصطفي علوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن أولي الرسائل للقوي السياسية هو الاستقبال الحافل من عمال مصر للرئيس وهو ما يدحض مزاعم تجاهل حقوق العمال الذي يروج له البعض إضافة إلي تقدير العمال وحبهم لشخص الرئيس. أضاف علوي إن الرئيس أكد انحيازه التام لمحدودي الدخل والاستمرار في طرح برامج مكافحة الفقر وإتاحة فرص العمل وتأهيل العمال لدعم تواجدهم بشكل أكبر في الحياة السياسية والاقتصادية، كما كلف الرئيس مؤسسات الدولة والبرلمان لاستكمال ومواصلة مسيرة الإصلاح الاقتصادي شريطة توافر عدالة اجتماعية لا تنتج خللاً في المجتمع. أضاف علوي: الرئيس جدد التزامه بالبرنامج الذي طرحه في 2005 بالإضافة للإصلاحات السياسية والدستورية، مشيراً إلي دعوته جميع القوي السياسية في مصر مراعاة استقرار المجتمع، ومن يريد الإصلاح عليه النزول للشارع من خلال برامج سياسية محددة وليس شعارات، أي أن تشخص المشكلات وتطرح لها حلول، وآليات تحقيقها والمدي الزمني، لأن تلك هي أصول اللعبة السياسية في أي دولة ديمقراطية. ووصف علوي كلمة الرئيس أن صياغتها حملت ذكاء شديداً وتعتبر بداية لحوار مجتمعي قومي لتحديث الدولة لم تذكر اسم أحداً من المعارضين أو من يدعون إلي الفوضي لكنها طالبت القوي السياسية المطالبة بالإصلاح الالتزام بالعمل في الأطر الشرعية. ومن جانبه رأي الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب أن الرسالة الأولي تقول إن الرئيس عاد بقوة لممارسة اهتماماته بكل قضايا الوطن، والثانية أنه يرفض الحلول المسكنة لواقع مشكلات المجتمع، مؤكداً علي ضرورة وضع حلول جذرية لها، مشيراً إلي انحياز الرئيس للعمال واعطائهم حقوقهم كاملة. أضاف السيد: الرسالة الأهم هي أن الرئيس لم يبدي ضيقه بأي تحرك سياسي علي الساحة، معتبراً أن ما يحدث من حراك سياسي لابد أن يكون لصالح الوطن ولا يهدف إلي بلبلة وزعزعة الاستقرار داخل المجتمع الذي طالب القوي السياسية بوضع برامج محددة للتعامل مع المشكلات في إطار الالتزام بالشرعية. ورأي جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية أن الرئيس بخطابه طرح تصورات حول الدولة المدنية المصرية الحديثة بما يمكن تحويلها إلي بناء دولة متكامل عن طريق إجراءات وخطوات عملية، ودعا عودة كل القوي السياسية والاجتماعية لطرح تصورات حول الإصلاح والتعايش وأساليب التصدي للبيروقراطية والأصولية والتطرف، معتبراً أن خطاب الرئيس يمكن اتخاذه بداية لحوار مجتمعي واسع. بينما قال أحمد شعبان عضو مجلس الشوري عن حزب التجمع: إن الرئيس طمأن الشعب علي صحته خلال ظهوره في عيد العمال وإلقاء خطاب وأنه قد تعافي موضحاً أن الجمهور كان في انتظار قرارات متعلقة بزيادة العلاوة الاجتماعية والمعاشات، خاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء التي قال فيها إن خطاب الرئيس سيحمل كلاماً جيداً وهو ما فسره البعض بالإعلان عن قرار أو رقم معين في الزيادة. وتوقع شعبان أن تكون هذه القرارات مازالت قيد الدراسة لتأمين مصادرها ومواردها وهو ما منعه من إعلان قرار بشأن العلاوة وتحديد الحد الأدني من الأجور معتبراً أن أهم ما في الخطاب طمأنة المصريين علي صحة الرئيس. لكنه اعتبر أن الرسالة السياسية جاءت بصورة نمطية، خاصة خلال الحديث عن الإصلاح السياسي وإجراء انتخابات حرة ونزيهة فقال: إن الرئيس يأمل في تحقيق ذلك بالفعل علي أمل نزاهة الانتخابات. وأكد ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي وعضو مجلس الشوري أن الرئيس تحدث عن خطة للإصلاح الاقتصادي مؤكداً أن الاقتصاد المصري من الاقتصادات الواعدة في العالم بجانب الصين والهند والبرازيل، فضلاً عن تأكيده أن قانون التأمينات الجديدة ينحاز للسواء الدعم من الشعب. ورأي عبدالرحمن خير عضو مجلس الشوري أن خطاب الرئيس كان علي الصعيد الاجتماعي مهما ويتعامل مع ما يحدث في الشارع المصري من اضرابات واعتصامات وهذا يدل علي مدي متابعة الرئيس لكل صغيرة وكبيرة تحدث بالشارع المصري. كما أوضح خير أن رافعي الشعارات الذين طالبهم الرئيس بطرح برنامجهم المحدد حول كيفية رفع مستوي المعيشة ليس لديهم وما يقدمونه وكذلك دعا الحكومة للسرعة في إصدار التشريعات القانونية التي تضمن حقوق العمالة والتعجيل في الشراكة بين القطاعين العام والخاص.