علق الأستاذ عبد الله كمال رئيس التحرير علي انتفاضة المحامين لمنع وحظر كتاب «ألف ليلة وليلة» بأن هذا الموقف يعد بمثابة «ألف نيلة ونيلة».. ولكني أتناول (نيلة) واحدة من ال «1001 نيلة» الناتجة عن هذه الانتفاضة الغيورة.. وتتلخص هذه النيلة في الصورة التي نرسمها لأنفسنا في عيون العالم حين نطالب بحرق تراثنا وحظر نشره داخل بلادنا بعد قرون من نشره حول العالم كله وبعد صدور ترجمات لا تحصي للكتاب بالعديد من اللغات الحية حتي بلغ عدد ترجماته ماجعله من أكثر الكتب التي حظيت بالترجمة بعد الكتاب المقدس ومسرحيات شكسبير! الكتاب الذي يود بعضنا حرقه والذي يسمي «ألف ليلة وليلة» معروف في أرض الفرنجة باسم (Arabian Nights) أي ليال عربية، وهذا ما يرغب البعض في حظر نشره.. وقد عرفت أوروبا شكل الحروف العربية من كتاب ألف ليلة وليلة الذي نشرت ترجماته في أوروبا منذ القرن الثامن عشر حيث تحلت صفحات الكتاب وغلافه بحروف وكتابات عربية جعلت الأوروبيين من العامة يتعرفون علي شكل هذه الحروف وزخارفها.. وبالرغم من أن «ألف ليلة وليلة» حوي قصصا مختلفة المصادر من الهند وبلاد فارس ومصر والشام إلا أنه اشتهر بأصوله العربية وأصبح من أهم كتب التراث القصصي العربي في نظر الثقافات الغربية. هذا الكتاب الذي يود البعض دفنه هو أشهر كتاب قصصي في العالم والكتاب الوحيد من التراث العربي القديم الذي يحوي قصصا معقدة التراكيب.. ومن المعروف أن التراث العربي كان يغلب عليه الشعر ولم يكن يعرف القصة أو يهتم بها كثيرا وبخاصة في شكل الروايات الطويلة ذات البناء المركب.. أما «ألف ليلة وليلة» فيحتوي علي عناصر قصصية تقوم عليها دراسات نقدية بالغة الأهمية وهم في الغرب يذكرون التراث العربي حين يقومون بمثل تلك الدراسات من أمثال: القصة داخل قصة، والبناء الدرامي، وسخرية القدر، والرواة المختلفون، والخيال العلمي، والرعب، وغير ذلك من عناصر دراسة القصة.. ألا يعتبر هذا كافيا ليجعل القصة سفيرا عربيا عند الحضارة الغربية؟ ألا تكون فعلا «نيلة» عندما يمنع نشرها؟ أما قصص «علاء الدين والمصباح السحري»، و«علي بابا والأربعين حرامي»، و«الرحلات السبع للسندباد البحري»، و«ور الدين وشمس الدين»، و«الصياد والجنية»، و«التفاحات الثلاث». وبالطبع القصة الرئيسية «الملك شهريار والملكة شهرزاد»؛ كل هذه القصص سوف ترفع من أدب الأطفال ومن أفلام الكرتون الناطقة بالانجليزية والفرنسية وغيرهما، وسوف تدفن معها كل الأعمال السينمائية العالمية التي كان موضوعها الأساسي هو قصص «ألف ليلة وليلة».. وعندما يذهب الأطفال إلي «ديزني لاند» سوف لا يشاهدونali Baba Parade أو العرض الفني الخاص بعلي بابا بأغنيته الشهيرة التي يحفظها كل الأطفال هناك لأنها جزء من الكتاب الممنوع (ألف ليلة وليلة) أما أغنية «Alladin» أو علاء الدين فسوف تمنع أيضا. أين يعيش هؤلاء المطالبون بالمنع علي سطح الكرة الأرضية؟ أم في عالم آخر؟ كيف يظنون أن باستطاعتهم حجب شمس سطعت علي وجه عالم الأدب والفن والإنسانية منذ قرون؟ أليست هذه نيلة؟ أليست هذه نيلة واحدة ولكنها تكفي؟