كنت أتمني ألا يحل علينا عيد العمال هذا العام إلا وعاد الرصيف المجاور لمجلس الوزراء والمواجه لمجلس الشعب إلي حالته الطبيعية.. أي مكاناً لمرور المشاة وليس مكاناً للاعتصامات والاحتجاجات، وذلك بعد التوصل إلي حلول لمشاكل المعتصمين، خاصة أن معظمها في تقدير العديد من المسئولين مشاكل مؤرقة تستأهل الحل بالفعل، حتي ولو كانت العين بصيرة واليد قصيرة بسبب الموارد المحدودة. فنحن نتعامل مع ظواهر الاحتجاجات العمالية ببطء ملحوظ يتسبب في زيادة هذه الاحتجاجات واتساعها وتكرارها.. ومن يسير يوميا في شارع مجلس الشعب سوف يكتشف أن هذا البطء لا يحقق أي فائدة، فهو لا يرهق المحتجين الذين تغلبوا علي الارهاق لتنظيم دوريات للاعتصام والإقامة علي الرصيف وبالحصول علي تعاطف البعض ودعمهم المعنوي وغير المعنوي حتي يتحملوا أعباء الاعتصامات والاحتجاجات.. بل إن هذا البطء يزيد هؤلاء المحتجين عنادا وإصرارا يجعلهم غير مهيأين للقبول بالحلول الوسط، لتطول الاحتجاجات.. والأكثر من ذلك أن تجاور المحتجين علي الرصيف خلق قدرا لا بأس به من التعاون والتضامن بينهم رغم اختلاف مطالبهم نتيجة لاختلاف مواقع أعمالهم. إن وزيرة القوي العاملة تقول: إن هناك قوي سياسية تحرض العمال علي الاعتصام للمتاجرة بقضاياهم.. وهذا في حد ذاته سبب يحث الحكومة والوزراء المسئولين علي التحرك بسرعة لحل مشاكل المعتصمين وانهاء اعتصاماتهم.. بل إنه سبب أقوي للتحرك مبكرا لحل المشاكل التي تؤرق العمال وتدفعهم للاحتجاج والاعتصام. ولو تم ذلك ما وجدت هذه القوي السياسية التي تتحدث عنها الوزيرة عائشة عبدالهادي ما تحرض عليه العمال للاعتصام، ولما وجدت فرصة للمتاجرة بقضايا العمال. الحكومة في يدها أن تمنع هؤلاء المتاجرين بقضايا العمال إذا ما أقام المسئولون في كل موقع جسورا مع العمال، وتحركوا هم أولا لحل أي مشكلة تواجههم من خلال الحوار والتفاهم. أما التجاهل والسكوت عن المشاكل حتي تنفجر فهو دعوة مفتوحة لهؤلاء العمال للاعتصام والاحتجاج، ودعوة أخري مفتوحة للمتاجرين بقضايا العمال لكي يتمادوا في تجارتهم وتحريضهم للعمال. يا سادة.. لا يستطيع أحد أن يحرض أحداً ليست له مشاكل تؤرقه.. ولا يستطيع أحد أن يستغل قضية أحد إذا كانت ثمة بارقة أمل أمامه في إيجاد حل لهذه القضية وانهائها. وحسنا فعل مجلس الوزراء مؤخرا حينما ناقش ظاهرة الاحتجاجات والاعتصامات لأعداد من العمال والموظفين.. وحسنا أيضاً أنه أصدر توجيهاته لكل الوزراء والمسئولين بالاسراع بحل مشاكل المحتجين والمعتصمين.. فأن يتحرك مجلس الوزراء ولو متأخرا ومتأخرا جداً أفضل بالقطع من عدم التحرك الذي شاهدناه علي مدي الأسابيع الماضية. لكن نتمني ألا يتصور مجلس الوزراء أنه أدي دوره وانتهي الأمر أو أبرأ ذمته من ظاهرة الاحتجاجات والاعتصامات.. المطلوب وبشكل ملح وضع جدول زمني لإيجاد حل لمشاكل المعتصمين والمحتجين.. ونتمني أن يحدث ذلك قبل الاحتفال الرسمي بعيد العمال.. ونتمني أيضاً أن يتابع المجلس مع الوزراء كل في مجاله وفورا أي مشكلة تطرأ بين العمال والموظفين التابعين لوزارته.