شاهدت برنامجاً سياسياً أو قل فيلماً تسجيلياً عن حياة الرئيس المصري محمد حسني مبارك شاهدت وعرفت من خلاله ما لم أرا أو أسمعه عن حسني مبارك من قبل مما أشعرني بإفلاس الإعلام المصري فبالرغم من اتهامه الدائم من المعارضة والجماعات المحظورة بالانحياز والنفاق للرئيس المصري إلا أنني شعرت أن هذا الإعلام رغم التاريخ الحافل لهذا الرجل لم يعطه ما يستحق في تقديم حسني مبارك القيمة والتاريخ والبطولة والجسارة والحسم والعسكرية والمخاطرة والنجاح المبكر. وجوانب عديدة لم أعرفها عن رئيس مصر الذي عاصرته فترة حكمه منذ بداياتها حتي الآن لم أعرفها إلا من قنوات تليفزيونية غير مصرية. البرنامج الذي بثته قناة العربية يوم الجمعة 22/4/2010 علي مدي أكثر من ساعة كاملة لم تكن كافية إلا لإلقاء الضوء علي عناوين وخطوط رئيسية ومواقف للرئيس حسني مبارك منذ ولد في قريته حتي الآن. لقد شعرت بالفخر لتاريخ هذا الرجل لأنني لم أجد زعيماً وقائداً عسكرياً تاريخياً وطياراً وسياسياً في قامة هذا الرجل لا في منطقتنا فقط وإنما في هذا العالم كله. ربما نختلف أحيانا علي السياسات والقرارات التي تمس حياتنا سواء ما تعلق منها بالحريات أو الحقوق والواجبات ولكن من في زعماء العالم الآن في مكانة وتاريخ وتجربة حسني مبارك. لقد عرض الفيلم الذي أذاعته قناة العربية الجوانب الشخصية والإنسانية وكشف عن طباع وخصال هذا الرجل وكم كان محبا لبلده وللعسكرية وللطيران وللكلية الجوية مخلصا لكل مهنة أو منصب عمل به كم كان منظما في مفردات حياته وكم كان نظيفاً ومرتبا لدرجة أنه كان يحتفظ بعشرات البدل العسكرية وعشرات الأحذية ليحافظ علي هندامه في كل وقت. وكم كان هذا الرجل رغم كفاءاته كم كان زاهداً في المناصب والكراسي وكيف كانت أمنيته بعد حرب أكتوبر في أن يكون سفيراً لمصر إلا أن الرئيس السادات اختاره نائباً للرئيس. أما عن حياته العسكرية فكانت ملحمة تضع هذا الرجل في مصاف الزعماء والقادة التاريخيين فكان أصغر طالب في الكلية وأصغر معلم فيها وأصغر قائد لها وكيف كان جاداً وملتزماً وكيف خطط لحرب أكتوبر وكيف أدار أهم معركة جوية في التاريخ العربي والمصري. وكيف كانت أنجح المعارك حيث حققت القوات الجوية المصرية 90% من أهدافها ومقابل أقل خسائر في الجانب المصري 2% فقط في تفاصيل وأساليب تدرس إلي الآن في عشرات الكتب والمراجع العسكرية والسياسية ولكل لغات العالم وفي كل معاهده وجامعاته. لقد شعرت وأنا أتابع البرنامج علي قناة العربية أن قنواتنا وصحفنا وتليفزيوناتنا ومجلاتنا التي تبلغ ميزانياتها الملايين لا تساوي جميعها برنامجاً قدمته قناة العربية عن حسني مبارك. لقد اكتشفت حسني مبارك واكتشفت معه زيف إعلامنا وتخلفه وجهله وتقصيره وتفرغه لقضايا فارغة وتبديده للملايين من الجنيهات كل ساعة علي برامج تافهة وأغان هابطة فلم يعد في خريطته شيء للرموز ولا للزعامة ولا للعروبة ولا للقيمة ولا للمثل فغاب دوره وحاد عن طريقه فهل نفطن لذلك قبل فوات الأوان.