الحديث عن الدكتور مجدي يعقوب وثائقياً وإحصائياً سهل وميسور، فهو واحد من أشهر جراحي القلب في العالم، وهو طبيب له بصماته الطبية علي 25 ألف مريض أجري لهم عمليات جراحية، وله وابتكاراته المهنية في إجراء أكثر من ألفي عملية قلب مفتوح ونقل قلب.. وهو باحث دءوب تجاوز عدد دراساته العلمية المنشورة في المجلات العلمية الدولية أكثر من 400 بحث ودراسة.. وهو كما تطلق عليه وسائل الإعلام الدولية "ملك القلوب"، أو "سفير القلب"، وهو، أيضاً، من كرمته الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا ومنحته لقب سير ووسام فارس.. غير أن ما هو صعب وغير يسير هو أن تحاول أن تحيط بأبعاده النفسية والخلقية، فهو رجل تتجسد فيه قيم من الكثرة بحيث يحتار الشخص بأيهما يبدأ، ومن التداخل والتزامن بحيث يبدو من الصعب أن تنزع واحدة منها من سياقها، وأن تزرعها في مكان آخر غير قلب الدكتور مجدي يعقوب، وغير محيطه النفسي والفكري.. هذا الرجل هو عاشق صامت، يبادل مصر حباً وعشقاً وهياماً في صمت عفيف، وهدوء نبيل، وعزة بالغة.. هو أشبه بالأساطير الأغريقية في كمال صفاتها، واكتمال أطوارها، وشدة عمقها، وكذلك في بساطتها الرائعة.. هذا الرجل يطبق الشعار الذي طالمنا حلمنا به، ونادينا به، ولا أقصد بذلك "العمل في صمت" بل "الإتقان والتفاني في صمت"، بدون ضجة إعلامية زاعقة، وبدون رغبة في الظهور العنتري، فهو لا يحتاج إلي ذلك، لأنه ببساطة فوق ذلك. مركزه الطبي العالمي في أسوان دليل وشاهد علي ذلك، فقد اختار أن يقيم المركز "هناك" في أقصي الجنوب، وبعيداً عن التلوث الإعلامي، وعن ازحام الشهرة في القاهرة وضواحيها.. أراد الدكتور يعقوب أن يعمل في صمت، وأن يتفرغ لطقوس عبادته العلمية ورهبنته الطبية. الدكتور مجدي يعقوب إضافة إلي نبوغه العلمي والطبي، أو بسبب ذلك، هو رجل يملؤه التواضع الجم، والإنسانية المفرطة.. ولا يتجمل أمام الآخرين، بل يعيش علي بساطته وعلي توازنه النفسي الفريد.. في حديث أجراه أحد الصحفيين المصريين العام الماضي، سئل الدكتور يعقوب لماذا لم تكتب مذكراتك حتي الآن؟ فأجاب إن الوقت الذي قد يستغرقه في كتابة هذه المذكرات يكفي لإجراء مائة عملية جراحية، وعشر دراسات علمية، وأنه يفضل أن يقضي هذا الوقت في غرفة العمليات لكتابة حياة جديدة لطفل، أو لتخفيف معاناة شخص.. أو لرسم البسمة علي وجه مريض. الدكتور مجدي يعقوب هو قيمة يجب الحفاظ عليها، وحالة يجب استثمارها، وهالة يجب الاحتفاظ بضيائها، بعيداً عن أي صخب، وبعيداً عن أي تلوث!