ليس من الغريب أن تجد عندما تتصفح بعض التقارير الحقوقية لكبري المنظمات الأمريكية أو الأوروبية تخصيص أبواب كاملة للدفاع عن حقوق «المثليين» أو الشواذ جنسياً فكل مجتمع له عاداته وثقافته الخاصة به والتي لا يمكن تعميمها علي جميع دول العالم خاصة الدول العربية لاعتبارات تفرضها الشريعة الإسلامية ولكن المفاجأة المدوية علي حق هي أن تجد مطبوعة حقوقية مصرية تروج فيما بين صفحاتها لهذا الفكر بزعم تكريس مبدأ حرية الرأي والتعبير!! وبصرف النظر عن محتويات هذه المطبوعة وعن المواقف السابقة لبعض النشطاء المصريين المعروفين بالاسم تجاه مناصرة هذه القضية إلا أن هناك تساؤلات رئيسية تفرض نفسها في هذا الشأن فهل من الممكن أن تنساق المنظمات المصرية وراء هذه الهوجة الشاذة ويصل الأمر بنا إلي أن نصدر تقارير حقوقية مصرية تدافع عن الشواذ أو ننشئ مراكز تتخصص في هذا علي استحياء تحت وطأة التمويل الأجنبي؟! هذا ما نجيب عنه في السطور التالية. وصلة فاجأتنا الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في بداية أبريل الجاري بإصدار العدد الأول من جريدة وصلة والممولة من منظمة المجتمع المنفتح بسويسرا حيث تستهدف نشر ما يطرحه المدونون علي مواقعهم الإلكترونية وقد ورد في إحدي صفحاتها مقال لصاحبة مدونة «يوميات امرأة مثلية» حمل عنوان «من وراء الخمار» والذي يسلط الضوء علي أحاسيس امرأة شاذة تجاه أخري والاثنتين ترتديان الخمار وتعرفتا علي بعضهما البعض في مسجد الجامعة حتي يشعر القارئ بالغثيان واللافت أن الشبكة وصفت أسلوب هذه المدونة بالأسلوب الأدبي الرشيق والذي نجح في لفت الأنظار إليه لأنه يتطرق للعلاقات العاطفية بين النساء!! ضرر بالغ وفي هذا السياق قال عبدالله خليل الخبير الحقوقي تعليقاً علي القضية بشكل عام إن هناك واقعا في مجتمعنا المصري يرفض الانغماس في مثل هذه القضايا حيث إن هناك أولويات أخري تفرض نفسها علي الساحة الحقوقية خاصة الدفاع عن قضايا تحرير المرأة أو الروايات التي تتعرض للمصادرة والهجوم الشديد من قبل بعض التيارات الظلامية معتبراً أن الحديث علي استحياء عن هذه القضية يؤدي إلي ضرر بالغ لمبدأ حرية الرأي والتعبير في إطار المتعارف والمقبول مجتمعياً. وأوضح خليل أن مصر موقعة علي اتفاقية خاصة لحماية المرأة والأطفال القصر من المواد الإباحية والتي أدخلت عليها تعديلا لتصبح المواد الخليعة رافضاً تداول القضايا الهابطة علي حد تعبيره البعيدة كل البعد عن المفهوم الحقيقي لحقوق الإنسان. الهيومان رايتس ووتش الهيومان راتيس ووتش الأمريكية دافعت في تقريرها السنوي الصادر مؤخراً تحت عنوان التقرير العالمي 2010 في شمال أفريقيا والشرق الأوسط والولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي عن حقوق المثليين بدعوي تعرضهم للانتهاكات جراء الفحص الطبي الذي يخضعون له بسبب انخراطهم في ممارسة نشاط جنسي مثلي مما يعد وفقا لقوانين بعض الدول وعلي رأسها مصر من أفعال الفجور المحظورة مستشهدة بقرار لجنة الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب ومحكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان والذي يعتبر هذا النشاط حقا من حقوق الخصوصية وانتهاكه من صور التعذيب علي حد ما ورد في التقرير. المثير أن التقرير الأمريكي انتقد «مصر» لقيام الشرطة بالقبض علي رجال مشتبه بهم في مزاولة نشاط جنسي مثلي طوعي في يناير 2009 ونسبت إليهم الاتهام ب«اعتياد ممارسة الفجور» معتبراً أن ذلك خرق للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. خصوصية المجتمع المصري فيما شدد حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان علي رفض الوفد المصري الحكومي وغير الحكومي علي التوصية الصادرة عن المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجينيف أثناء مناقشة التقرير الوطني المصري وفقاً لآلية المراجعة الدورية الشاملة المعروفة بال«UPR» في فبراير الماضي قائلاً إنه لا خلاف علي ذلك حيث إن مصر ملتزمة باتفاقيات دولية تقر أحقية العلاقات الأسرية الطبيعية القائمة علي الزواج بين الرجل والمرأة وبالتالي لا يجوز لأي منظمة أن تطالب بغير ذلك إضافة لتناقض هذه القضية مع هوية المجتمع المصري والديانة الإسلامية والمسيحية. ولفت أبوسعدة إلي أن أي جهة تمويل لا يجوز لها أن تفرض أهدافا تأتي خارج هذه المنظومة المصرية مستطرداً لا خوف من ذلك علي المنظمات الحقوقية المصرية. وكان المجلس القومي لحقوق الإنسان قد حذر في آخر مؤتمراته المنعقدة لمناقشة تداعيات تعديل قانون الجمعيات في إطار مشروع المجلس الممول من الوكالة الإسبانية للتنمية الدولية من غلبة أجندة التمويل الخارجي علي القيم المتعارف عليها في بعض المجتمعات ضارباً المثل بدولة المغرب والتي انتشر فيها مؤخراً المراكز التي تدافع عن حقوق الشواذ تنفيذاً لأجندة أمريكية أو أوروبية. من جانبها قالت عزة سليمان الناشطة ورئيس مركز قضايا المرأة المصرية أنه علي الرغم من أن الظاهرة في تزايد واضح إلا أن هؤلاء الأفراد مازالوا أقلية في مجتمعنا الشرقي مشددة علي أن مراكز ومنظمات حقوق الإنسان ينبغي عليها أن تدافع عن كل ما هو متفق مع المبادئ الأخلاقية العامة وتعاليم الديانتين الإسلامية والمسيحية مع التركيز علي الحقوق الإيجابية. التمويل الأجنبي ويري سعيد عبدالحافظ مدير ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان أن المجتمع المصري لم يخط خطوات واسعة نحو منظومة حقوق الإنسان ممثلة في الجيل الأول من هذه الحقوق وهي الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية فيصبح من قبيل العبث علي حد وصفه أن نتناول الحديث عن حقوق شخصية شاذة أخذاً في الاعتبار خصوصية المجتمع المصري وقال إن ملتقي الحوار علي سبيل المثال عندما يتلقي تمويلا خارجيا لابد أن يأتي المشروع في إطار الأهداف المتفق عليها والتي تم تأسيس المركز لتحقيقها وكذلك يجب أن يتمتع بتوافق عام من قبل المواطنين في المجتمع المصري وهذا لا ينطبق قطعاً علي قضية حقوق الشواذ. وأيده ماجد سرور مدير مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني قائلاً هي ظاهرة تتنافي تماماً مع التقاليد والعادات المصرية بل أن فكرة البحث عن حقوق لمثل هؤلاء الأفراد هي غير واردة في الأساس ولكنها خاصة بالمجتمعات الغربية مستطرداً وحتي في هذه المجتمعات فلقد اتخذت هذه القضية شوطاً طويلاً من الجدل حتي أصبحت تتداول علي استحياء مشيراً إلي تباين المواقف داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية بين بعضها البعض تجاه هذه القضية حيث أن البعض منها يجرم هذا الحق في حين أن البعض الآخر يقره علي حد قوله.