عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    محافظ المنوفية يحيل رئيس الوحدة المحلية لمدينة قويسنا ونائبه للتحقيق (تفاصيل)    "التنمية الصناعية" تستعد لطرح جديد للأراضي عبر الخريطة الاستثمارية.. اعرف التفاصيل    كيف تتجنب سحب البطاقة الائتمانية في ماكينة الصراف الآلي؟    حماس تحذر من تصاعد خطر المجاعة داخل غزة    الصين تنتقد ستولتنبرج لتصريحاته حول دورها في حرب أوكرانيا    وزير الشئون الإسلامية السعودية: ما تحقق في موسم الحج أمر يدعو للفخر    راموس إلى الدوري السعودي أم الأمريكي؟    لليوم الثالث..اقبال علي شاطي جمصة في اجازة عيد الأضحي المبارك...صور    تشييع جثمان حاج مصري من الدقهلية توفي أثناء أداء المناسك    ل علي الحجار ورانيا شوقي.. خالد جلال يفتتح عرض مسرحية "مش روميو وجوليت"    نوستالجيا 90/80 ترفع شعار كامل العدد على مسرح السامر    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    4 أطعمة يجب تجنبها في العيد للحفاظ على صحتك    مجدي يعقوب يشيد بمشروع التأمين الصحي الشامل ويوجه رسالة للرئيس السيسي    بعد انتشار ظاهرة قطع الأشجار.. تحرك برلماني عاجل لوقف وحظر تصدير الفحم    مستشهدًا بالدوري الإنجليزي.. خبير اللوائح يحسم الجدل حول كرة الزمالك (صورة)    تفاصيل جديدة في واقعة وفاة الطيار المصري حسن عدس خلال رحلة للسعودية    راموس يوضح حقيقة اعتزاله كرة القدم    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الهندسة الزراعية والنظم الحيوية جامعة الإسكندرية فرع الشاطبي    معلومات الوزراء: المتحف المصرى بالتحرير أقدم متحف أثرى فى الشرق الأوسط    بائع غزل البنات بين قسوة الواقع وإطعام أطفاله!    شد الحبل وكراسى موسيقية وبالونات.. مراكز شباب الأقصر تبهج الأطفال فى العيد.. صور    إصابة 5 أشخاص نتيجة انقلاب توك توك فى ترعة الشيخ سليم فى الإسماعيلية    تنسيق الأزهر 2025.. ما هي الكليات التي يتطلب الالتحاق بها عقد اختبارات قدرات؟    إيبارشيات وأديرة سوهاج تهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    خبير تحكيمي: طاقم تحكيم مباراة الزمالك والمصري تهاون في حقه وكان يجب إعادة ركلة الجزاء    تامر حسني بيطير فى الهواء بحفل التجمع (صور)    الفنان إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن إصابته بمرض السرطان    ياسمين فؤاد: المحميات تعمل بكامل طاقتها لتوفير تجربة سياحية بيئية مميزة    الصحة: ترشيح 8 آلاف و481 من أعضاء المهن الطبية للدراسات العليا بالجامعات    خبير سياحي: الدولة وفرت الخدمات بالمحميات الطبيعية استعدادا لاستقبال الزوار    دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى.. «اللهم إياك أرجو ولك أدعو»    هوكشتاين: نمر بأوقات صعبة ونريد حلولا حاسمة للوضع على الحدود بين لبنان وإسرائيل    موعد مباراتى ليفربول ومانشستر سيتى فى الدورى الإنجليزى 2024 - 2025    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    وزارة التخطيط: 21 مليون مواطن مستفيد من المرحلة الثانية لمبادرة حياة كريمة    احذر الحبس 10 سنوات.. عقوبة تزوير المستندات للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة    طريقة تحضير كبسة اللحم بالأرز البسمتي    الحرس القديم سلاح البرتغال في يورو 2024    بكين: فقدان 4 أشخاص جراء الفيضانات الجبلية في منطقة شينجيانج بشمال غربي الصين    دعاء ثالث أيام عيد الأضحى.. اللهم إني أسألك إيمانا دائما وعلما نافعا    الصحة: تنفيذ 454 زيارة مفاجئة للمستشفيات ومراكز الرعاية الأولية ب23 محافظة خلال عيد الأضحى    سفاح البصرة.. القبض على مصري بالعراق قتل 4 مصريين وقطع جثثهم    انقطاع الكهرباء عن قرى جنوبية في لبنان جراء قصف إسرائيلي    المالية: عودة الاقتصاد المصرى لمسار أكثر استقرارًا فى مواجهة التقلبات العالمية    "سويلم" يوجه باتخاذ الإجراءات اللازمة للاطمئنان على حالة الري خلال عيد الأضحى    جانتس لمبعوث بايدن: سندعم أي تحرك فعال لإزالة تهديد حزب الله    هل يجوز للزوجة المشاركة في ثمن الأضحية؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    عبد الله غلوش: «إفيهات» الزعيم عادل إمام لا تفقد جاذبيتها رغم مرور الزمن    تظاهرات إسرائيلية غاضبة أمام منزل نتنياهو ومقر الكنيست    مدرب بلجيكا: لم نقصر ضد سلوفاكيا ولو سجلنا لاختلف الحديث تماما    افتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ بمستشفيات جامعة عين شمس.. 25 يونيو    تعرف على حكام مباراة الاتحاد والأهلي    العثور على جثة شخص بجوار حوض صرف صحى فى قنا    مصرع شخص وإصابة 5 فى حادث تصادم بالدقهلية    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دون كيشوت فضاء الحرية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 22 - 04 - 2010

الحرية ياسانشو، أروع ما وهبته السماء إلى الإنسان، لاتوازيها كنوز البر ولا ماتخفى البحار ولاجلها يمكن ويجب ان يغامر المرء بحياته، على العكس منها فان أسوأ مايصيب الانسان هو الآسر، أقول هذا ياسانشو لانك رأيت جيد الرغد والوفرة التى كانت لنا فى القلعة التى غادرناها، بدا لى اننى محشور فى ضائقات الجوع، فلواجبات التعويض عن المنافع والنعم المتلقاة قيود لاتسمح للنفس بالتجلى الحر، سعيد ياسانشو من منحته السماء قطعه خبز بعيدا عن واجب الامتنان لآخر غير السماء.
إلى هنا انتهى حديث دون كيشوت عن الحرية، والتى ربطها بضائقات الجوع بل ورآها قيدا للتجلى الحر، دون كيشوت هو بطل أحد أهم وأضخم روايات العالم واكثرها حجما للكاتب الاسبانى المتدفق «ثربانتس» وقد عولجت مسرحيا فى اكثر من تناول لقد قيل عنها «ان كل مايهم الانسان موجود فى دون كيشوت» انها تحمل حماقة عصر بأكمله أظهره تناقض بطل مملوء بالنبل لم يكن ليناسب هذا العصر، انه عمل يحمل مفارقة بين رجل يرى الواقع جديا ويأخذه على محمل الجد وبين هذه البراءة وحسن النية التى يحلمها وبين هذا العهر الذى يحمله هذا العصر.
دون كيشوت أداء هزلى لرجل انغمس فى الفروسية فى عصر مزيف يحكمه جيل عملاق من المتعجرفين والوقحين والسفلة، بدأ الامر سلسا، غرق الرجل لاعوام فى قراءات متواصلة، امتلأ عقله بكل تلك الكتب عن السحر والحب والعواصف والمعارك وغيرها من المعرفة لكن المعرفة فى عصر دون كيشوت لم تكن تعنى الا الجنون فقد كانت زائدة عن الحاجة فى هذا الزمن الردىء أو كما قالت شقيقة تشيكوف كإجادة لغة أجنبية فى بلاد لاتجيد لغتها الاصلية، خرج الرجل من بعد عزلته مع الكتب والمعرفة ليجد ان الزمن سبقه غدرا وتغير قبحا، مضى فى رحلة طويلة بين مواقف متعددة عكست مجتمعا فاسدا رُد فى نهايتها محطما إلى حظيرة الواقع متهما بالجنون والشطط، ولكن هل كان دون كيشوت مجنونا أم فارسا وحكيما خانه الحظ لانه لم يكن يحارب فقط طواحين الهواء لكنه كان يحارب طوابير خامسة من الدواب والماشية الانسانية مقنعة ومتصنعة، ولنلق نظرة على نصائحه لنعرف انه كان بعيدا عن الجنون فمن نصائحه، عليك ان تضع نصب عينيك من أنت حتى تنجو من نفخ نفسك كالضفدع، والدم يورث والفضيلة تكتسب فتمسك بالفضيلة ، فالفضيلة تساوى فى ذاتها مالايساويه الدم، لاتترك المزاج يقودك فهو يلعب دورا كبيرا عند الجهلة الذين يتباهون بحدة الذكاء، إذا حملت زوجتك فعلمها وهذبها وخلصها من طبيعتها الخشنة، لتلقى دموع الفقير شفقة لديك، وبين وعود الغنى وعطاياه تكتشف الحقيقة، قس زكاءك بنبض مايساوى منصبك فامنح، امش الهوينى وتكلم بوقار لكن ليس بطريقة تبدو فيها وكأنك تصغى إلى نفسك، الرحمة والعدالة صنوان وعصا العدالة لاتلوى إلا بثقل الرحمة واذا حكمت قضية لعدوك فابعد عن فكرك الإهانة واذا ما جاءتك امرأة تطلب العدالة فابعد عينيك عن دموعها واذنيك عن سمعها وفكر بالحكم على ماتطلبه، لاتمض رخو الهيئة فالثياب غير المرتبة دليل على نفس مهملة إلا إذا كانت لعلة كيوليوس قيصر.
فمن ذا الذى قد تأمل نصائح الرجل هذه ولا يعتبره شخصا سليم العقل وراجحه؟ رغم ذلك فليس مهما لدون كيشوت ألا يكون مفهوما فمع مرور الزمن سيكون خالدا لرجل لم يفهم زمانه ولم يفهمه زمانه، دون كيشوت معركة مع الزمن للبحث عن الحرية فى كوميديا بليغة ساخرة وراقية تكشف وجها رقيقا وشجاعا ينتصر للقيم لكنه يهزم أمام قبح الواقع وامراض العصر، وعلى كل حال اذا اصطدم الابريق بالصخرة أو الصخرة بالابريق فالخاسر فى النهاية هو الابريق، لذا سقط دون كيشوت مصطدما بصخرة الزمن، كالفخار تفتت الرجل، لأنه سقط فى خطأ الاعتقاد بوجود فرسان جوالين لهذا الزمان يحمون الحرية والفرد.
ان دون كيشوت سيموت من حزن رؤية نفسه مهزوما وحبيسا لذا حينما أوشكت حريته على التقلص والزوال، تمدد فى سريره وأغمض عينيه وبقى يغمى عليه بين الحين والآخر، صحيح أن البيت اضطرب ورغم ذلك كانت ابنة الاخت تأكل والخادمة تشرب وحتى سانتشو يسر، فموضوع الارث الذى يخلفه الميت يخفف ويمحو من الألم فى ذاكرة الوريث.
رقد دون كيشوت بعظامه المتعبة وجسده الرميم فى سفر أخير إلى فضاءالحرية عبر الموت الباب الاوسع للحرية، أروع ما وهبته السماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.