هذا هو أنسب عنوان لوقائع مناقشة «دستة استجوابات» حملت بطبيعة الحال اتهامات خطيرة ضد وزير الصحة د.حاتم الجبلي بالتقصير وسوء الرعاية الصحية للمواطنين. 11 نائبا إخوانيا ومعهم نائب الوفد محمد داود كانوا جاهزين الأحد الماضي لذبح الوزير باسم الدفاع عن حق المواطنين في الرعاية الصحية.. ولكن بعد ساعات طويلة من إلقاء الاتهامات دون سند من الصحة وبدون وثائق حية ورسمية من جانب دستة النواب أثبت الوزير بالأرقام والوثائق أن ما قاله داود ونواب الإخوان «إسطوانة مشروخة وكلام مكرر ليس فيه أي جديد» -علي حد تعبير الدكتور الجبلي. ورغم الكثرة العددية للسادة النواب الذين فاتهم أن يجهزوا للرأي العام وثائقهم ومستنداتهم علي كل كلمة وكل اتهام للوزير.. إلا أن الدكتور الجبلي رد علي كل هذه الاتهامات (الكلامية).. وكان كريمًا في هذه الردود المقنعة إلي الحد الذي أستطيع أن أقول معه إن حاتم الجبلي كان في ردوده تلك كريما كما كان الكرم الذي يلقاه الناس في زمن «حاتم الطائي»! لم يحتج الوزير الجبلي أي مساندة من جانب نواب حزب الأغلبية.. كان دائم الالتفات إلي يساره حيث صفوف الإخوان والمعارضين الذين من بينهم جاءت دستة الاستجوابات الفشنك! لا أريد أن أهون من الاتهامات بدون دليل التي طالت وزير الصحة.. ولا أريد كذلك التهويل من أمرها.. فالعناوين كانت تحمل كلمات رنانة ولكنها سوداء.. انهيار الخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية.. فشل الحكومة في تحقيق الأمن الغذائي والصحي.. انهيار المنظومة الصحية بسبب الغذاء الملوث.. انتشار الأمراض بصورة وبائية.. حرمان بعض المواطنين من خدمات التأمين الاجتماعي والصحي.. انتشار الأمراض الخبيثة وضعف وسائل مواجهتها.. تقصير وزارة الصحة في تقديم الخدمات الطبية في معظم مستشفيات التأمين الصحي.. عدم السيطرة الحكومية علي أسعار الدواء.. ظاهرة انتشار أمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي.. كل هذه الاتهامات وجهها دستة النواب في محاولة من جانبهم لتصدير الرعب إلي قلب الوزير الذي لم يهتز.. ولم يداهمه أي خوف من تلك الحملة الإخوانية الشرسة الباحثة فقط عن شو إعلامي.. هو غايتها وأقصي مرادها سيما في تلك الأيام التي نطلق عليها موسم الانتخابات. ظل الوزير يستمع لدستة النواب بإنصات واهتمام شديدين! ويستقبل الصيحات الحماسية والتعبيرات الكلامية القاسية دون أن يهتز له رمش.. كان يدون في ورقة أمامه بعض ما قالوه نقلا عن الجرائد علي حد تعبيره.. لم يرهبه أن يسرب أحد موظفيه ورقة أو ورقتين إلي النواب المستجوبين.. وكان صريحا وقويا عندما قال لهم بالحرف الواحد: «لا يهمني أن يسرب موظف في الوزارة ورقة إليكم.. الذي يهمني فعلا هو تقارير جهاز المحاسبات.. إحنا في بلد فيه نظام وفيه قانون وفيه أمن دولة ورقابة إدارية وجهاز محاسبات.. وكمان بنحاسب قوي في كل عملنا قبل ما يحاسبنا أحد.. إحنا ما بنخافش من حد أبدًا.. بنخاف بس من ربنا»! يا سبحان الله مما جري تحت القبة ظهر الأحد الماضي.. كان هدف دستة النواب (الأخيار وليسوا الأشرار) هو إحراج الوزير سياسيا وهز ثقته بنفسه وبرجاله وقيادات الوزارة.. وشل عملية تطوير الخدمات الصحية التي تتم منذ توليه الوزارة قبل أربع سنوات والتي يشهد بها القاصي والداني.. أحد النواب لم يجد مستندا رسميا يعزز به استجوابه الذي جاء هشًا سوي تقرير لجهاز المحاسبات عن عام 2004/2003 أي قبل أن يعرف الناس الوزير الجبلي بعامين أو أكثر قليلا! يا سبحان الله.. أراد نواب الإخوان إحراج الوزير.. فانقلب السحر علي الساحر.. كشف الجبلي -مع حفظ الألقاب- نواياهم الشريرة ومخططهم الخبيث.. أحرجهم هو وألقم فم كل واحد منهم حجرا.. فانكشف أمرهم للرأي العام. أرادوا إحراجه.. ولكنه كان ذكيا ولماحًا بغير حدود في هذا اليوم.. لم يكن الأحد الماضي يومهم.. نعم كانوا يخططون بليل ليكون الأحد يومهم.. ولكنه كان يوم الحكومة.. يوم الوزير الجبلي. يا سبحان الله.. كلف مكتب إرشاد الجماعة المحظورة نوابه «الحداشر» بشن هذه المعركة الشرسة ضد أحد وزراء الحكومة.. «حداشر» نائبا «حتة واحدة» في مقابل واحد.. فخاضوا معركة عشوائية بدون مستند دامغ أو دليل مادي يدعونه مضبطة المجلس الموقر.. ولكن الوزير نجح في تلقينهم درسا في السياسة والصبر والصدق مع النفس والإخلاص في العمل.. أبدًا.. أبدًا.. لن ينسوه.. ولن ينساه من كلفهم بهذا الهجوم الضاري علي وزير الصحة.. أقصد.. مكتب الإرشاد الذي لم يرشدهم إلي الطريق الصحيح للمعركة ضد الحكومة.. فسقطت استجواباتهم من أول لحظة.. وسقط النواب في نظر الرأي العام.. ونجح الوزير في استغلال هذه الفرصة ليكشف بالحقائق والمعلومات الصحيحة زيف وبهتان المعلومات الكاذبة التي كان نواب الإخوان يلوكونها معتمدين علي كلام الجرايد وبخاصة «المصري اليوم» بحسب تعبير الوزير الجبلي! يا سبحان الله.. مرة أخيرة.. لم يخطط هؤلاء النواب بالطبع لكي يجتاز الوزير الجبلي هذا الامتحان «الرهيب» من وجهة نظرهم.. «الضعيف» بالنسبة لأغلب الناس أرادوا بخبث اصطياده.. فاصطادهم.. ووقعوا في شباكه.. تصوروا أنه سينهار.. ولكنه كان كالجبل.. صد مزاعمهم وكذب إدعاءاتهم وفند افتراءاتهم.. فعل كل هذا مبتسمًا دون أن يهتز له جفن.. أو ترمش له عين.. سقطوا هم.. ونجح الوزير الجبلي.. الذي أكد في هذا اليوم المشهود أنه كالجبل.. ما يهزه ريح!