فاروق عبد الوهاب مترجم مصري يعيش في نيويورك حصل علي الليسانس والماجستير من كلية الآداب جامعة القاهرة، والدكتوراه في الآدب المقارن من جامعة مينيسوتا الأمريكية، كتب العديد من الدراسات النقدية في فن المسرح المصري والعالمي وترجم العديد من المسرحيات والروايات للإنجليزية، كرمه مؤتمر "الترجمة وتحديات العصر"، الذي أقامه المركز القومي للترجمة مؤخرا، مع عدد من المترجمين، "روزاليوسف" التقته وكان لنا معه هذا الحوار: تقيم في أمريكا منذ أكثر من أربعين عاما، كيف تري حال التعليم في مصر اليوم؟ - لقد تلقيت تعليمي في مصر في المدارس والجامعات الحكومية التي كنا نفخر بها في الماضي حيث في الماضي يتم تشكيل النخب في مصر اما عن طريق السلك العسكري أو الازهر ، ثم جاءت المدارس الحكومية المصرية التي أخرجت لنا كبار المفكرين والأدباء والعلماء من خلال الكتاتيب حفظنا القرآن وفي المدارس الحكومية كنا ندرس اللغة الانجليزية مع العربية جنبا الي جنب وكان هناك اهتمام كبير بالانشطة الرياضية والموسيقي، وساعتان للاطلاع بالمكتبة، وجمعيات للمسرح والخطابة والشعر، أما اليوم أصبحت اللغة العربية مهمشة تماما، وأصبحنا ننظر إليها باحتقار وتدنت مكانتها. لماذا هاجرت الي أمريكا؟ - بعد حصولي علي الماجستير من جامعة القاهرة سافرت عام 1969 إلي أمريكا وانبهرت بالحرية السياسية الموجودة هناك، وبعد أسبوعين من وصولي أنا وزوجتي كتبنا لافتة علي ملاءة سرير "الطلاب المصريون ضد الحرب في فيتنام" وتشاء الظروف أن يرحل عبد الناصر، وكنت عضوا عاملا في تنظيم الشباب الاشتراكي العربي، وهو التنظيم الوحيد المسموح به في أمريكا وكندا، ثم عدت إلي مصر في أبريل 1974 بدعوة من الرئيس السادات، وفي هذه الزيارة اجتمعنا بالدكتور عبد العزيز حجازي، الذي قال لنا لا يوجد لدينا ما نصدره سوي البشر، فقررت تصدير نفسي، وشعرت أن البلد تتعثر خطواتها بضياع الحلم الناصري بالقومية العربية، وللأسف رغم اننا في عام 2010 إلا أننا ما زلنا نتحدث عن مرحلة ما بعد الاستعمار، التي خلصنا منها عبد الناصر، وعندما شعرت أن هذا الحلم في سبيله إلي التفكك، قررت أن أعود إلي أمريكا وحصلت علي وظيفة مدرس لغة في جامعة شيكاجو. كيف تتعامل مع ثقافة الغربة؟ - أنا لا أشعر بالغربة لأني أشعر أنني ابن التراث الإنساني والعرب والمسلمين جزء من هذا التراث، ولقد انخرطت في ثقافة المجتمع الأمريكي، ونقلت إليهم نماذج من الثقافة العربية في النقد والرواية والمسرح. ماذا أضافت إليك الغربة؟ وماذا أخذت منك؟ - أضافت إلي النظرة الشاملة للأمور، ونظرة أقل تشاؤما، وأدركت من خلال تجربتي الأمريكية أن كل شيء ممكن إذا وضع الإنسان هدفا نصب عينيه، يستطيع الوصول إليه إذا عمل علي ذلك، وعلي الفرد أن يخدم المجموع ولا يقتصر علي خدمة نفسه فقط. وفي المقابل حرمتني الغربة من القرب من أهلي وعائلتي، رغم أنني أصبحت عميدا لهذه العائلة، وربما أعطاني المنفي قدرة مالية لم تكن لتتاح إذا بقيت في مصر، ولكني أعود إلي مصر بصورة منتظمة كل عام. لماذا اتجهت إلي الترجمة؟ - لأني تعلمت منذ الصغر اللغتين العربية والإنجليزية، وأتقنتهما بجدارة، وأنا أتصور أن المترجم هو حيوان أدبي في المقام الأول، أي يعيش علي الأدب ويقتات عليه. في رأيك لماذا تراجع المسرح المصري؟ - لقد قتل الرئيس السادات المسرح، بل ذبحه ذبحا، لأن المسرح كان المنبر الوحيد الذي يناقش القضايا المطروحة بمنتهي الحرية، والسادات هدم ما بناه عبد الناصر وإن كان يريد أن يظهر في صورة الديمقراطي المنفتح ولكنه كان يفتك بخصومه فهو كان يري أن المسرحيين لديهم جرأة كبيرة وتجاوزوا حدودهم، فرفع الدعم عن المسرح. وعملت في مجلة "المسرح" خلال الفترة من 1964 إلي 1969 عندما كان يرأس تحريرها الدكتور رشاد رشدي، وفي أمريكا طلبوا نماذج مترجمة من المسرح المصري، فترجمت لهم مجموعة من المسرحيات، وصدر الكتاب تحت اسم "الدراما المصرية الحديثة"، ولقيت التجربة نجاحا كبيرا، وعندما طلبت دار "بنجوين" مترجما لرواية "الزيني بركات" رشحني إدوارد سعيد، وحققت حلما كبيرا بالنشر في سلسلة "بيجوس" منذ عام 1985 وحتي الآن وتوالت الترجمات، وأعكف حاليا علي ترجمة "التجليات" للغيطاني. كيف تري وضع الادب العربي في الغرب؟ - الادب العربي له حضور قوي هناك اقبال علي قراءته بهدف معرفة ثقافة الشرق بعد أحداث 11 سبتمبر، كما يوجد اقبال كبير علي أقسام الغة العربية والأدب العربي بالجامعات الأمريكية وفي جامعة "شيكاجو" التي أعمل بها هناك ما يسمي بالمفوضية الأمريكية للعلاقات الإنسانية، وتركز علي العلاقات الإنسانية، وترعي حقوق الأقليات وذوي الاحتياجات الخاصة، وتهتم بالأدب الأفريقي والآسيوي.