ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    جامعة العاصمة: خطة لإنشاء مدرسة دولية للتعليم قبل الجامعي    كلية العلوم بجامعة قناة السويس تستقبل طلاب مدرسة السادات الثانوية العسكرية    مدرسة النور للمكفوفين ببني سويف ثاني الجمهورية ببطولة ألعاب القوى    إسقاط الجنسية المصرية عن 3 مواطنين.. قرار جديد من رئيس الوزراء    خبير اقتصادي: ذروة خدمة الدين مرحلة انتقالية لا فشلا اقتصاديا    اصبروا!    وزير التموين يشارك في المؤتمر السنوي الرابع «غذاء مصر»    البورصة المصرية تختتم تعاملات الخميس بتراجع كافة المؤشرات    المشاط: معهد التخطيط القومي جهوده ملموسة في مسيرة التنمية خلال 65 عاما    البرهان: نقدر مساندة مصر المتواصلة للسودان ومساعيها لإنهاء الأزمة الراهنة    مهدي سليمان يواصل حراسة مرمى الزمالك في لقاء حرس الحدود    برئاسة مرتجي.. وفد الأهلي في ألمانيا لبحث التعاون مع ريد بل لايبزيج    اسكواش - بالم هيلز تستضيف بطولة العالم في مايو    إصابة شخصين في حادث تصادم على طريق دمو بالفيوم    الأوقاف تتابع ترميم مسجد مدين الأشموني بحي باب الشعرية    يعرض بالسينمات 7 يناير، طرح البوستر الرسمي لفيلم "كولونيا"    لحظة خروج جثمان الفنانة نيفين مندور من مشرحة الإسكندرية.. مباشر    وصفة طبيعية لعلاج الكبد الدهنية ومقاومة الالتهابات بالجسم    الأمطار توقف مباراة السعودية والإمارات بعد الشوط الأول    الأوقاف تتابع الأعمال الجارية في مسجد سيدي مدين الأشموني بحي باب الشعرية    فيديو.. مصر تدفع قافلة مساعدات ضخمة إلى غزة لتخفيف تداعيات الطقس وتدهور الأوضاع الإنسانية    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    توروب يشرح خطة الأهلي لعبور سيراميكا في كأس عاصمة مصر    إطلاق حملة ستر ودفا وإطعام الطعام لدعم الأسر الأولى بالرعاية بأسوان    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    هيئة البث: نتنياهو يترأس فريقا وزاريا لتحديد اختصاصات لجنة التحقيق فى 7 أكتوبر    الصحة: تقديم 11.6 مليون خدمة طبية بالمنشآت الصحية بالمنوفية    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    توغل إسرائيلي جديد في ريف القنيطرة الجنوبي    طابور من الشباب للتصويت فى جولة الإعادة بلجان الأسمرات.. صور    ضبط سيارة زيت طعام غير صالح وفول مصاب بالسوس بساقلته قبل توزيعها على المطاعم    أمين مجمع اللغة العربية: العربية قضية أمة وهويتها ولغة الوعي القومي العربي    "الست" خارج الصورة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    الوطنية للانتخابات للمواطنين: شارك ..صوتك مهم يصنع فرق فى القرار    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    زوج يعتدي بالضرب علي زوجته بالفيوم    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    الكوكي: الأهلي المرشح الأبرز للدوري وبيراميدز أقرب منافسيه    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    السعودية.. تعليق الدراسة حضوريا في الرياض بسبب سوء الطقس وتساقط الثلوج    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    مفاجأة.. جار نيفين مندور: أصيبت بجلطة قبل وفاتها وقامت بتركيب مفصل في قدمها من أسبوع    الرئيس السيسي يستقبل الفريق أول البرهان لبحث سبل تسوية الأزمة السودانية    نفي ادعاءات بوجود مخالفات انتخابية بلجنتين بدائرة زفتى بالغربية    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضبط إيقاع المنظومة التعليمية
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 12 - 04 - 2010

مما لا شك فيه أن المنظومة التعليمية تحتل مكانة مهمة في تحديد مسارات مستقبل الشباب بما ينعكس بشكل مباشر وقوي علي السلوكيات السائدة في المجتمع والمؤشرات حول آفاق المستقبل، ومن هذا المنطلق يمكن النظر إلي التعقيدات التي تواجهها العملية التعليمية، خاصة في مراحلها الأولي، وطبيعة المهمة الملقاة علي عاتق وزارة التربية والتعليم في التعامل معها، الأمر الذي يدفعنا إلي تركيز الضوء علي بعض النقاط الرئيسية:
1- إن المقصود بضبط الإيقاع هو ضمان وجود تناغم بين مكونات المنظومة لتتضافر جميعا في إنتاج متكامل يحقق أهدافا محددة ومتفقا عليها مسبقاً، تتمثل في هذه الحالة في توفير التربية الصحيحة والتنشئة السليمة، وإرساء الأسس الصلبة لتعليم جاد يتسم بالدقة والموضوعية اللازمة لتمكين النشء والشباب من التعامل مع تحديات التطور السريع في وتيرة العلم، واكتساب المعرفة القادرة علي المنافسة في سوق العمل المحلية والخارجية.
2- بلغت الإشكاليات التي تحيط بالمنظومة التعليمية، خاصة المدارس، نقطة لا تحتمل التأجيل أو التراخي، وقد عكس ذلك الملفات العديدة التي طرحت نفسها علي الساحة خلال الأعوام القليلة الماضية، حاملة في طياتها مؤشرات سلبية خطيرة، من قبل ملف تسريب أسئلة الامتحانات خاصة في المراحل النهائية والحاسمة، وقضايا العنف المدرسي الذي تخطي ما يمكن أن نطلق عليه مجازا شقي "المعادلة المدرسية" المتمثلين في الطلاب والجهاز التعليمي، ليمتد إلي أولياء الأمور الذين يتحملون تبعات اضطراب الإيقاع ويترددون علي المدارس للسعي لإيجاد حلول له، دون أن يحالفهم التوفيق في كثير من الحالات.
3- وفرت الزيارات المفاجئة التي قام بها السيد وزير التربية والتعليم لبعض المدارس في الفترة الأخيرة فرصة لتركيز الضوء علي المشكلة وأبعادها المختلفة سواء ما تعلق منها بالبنية الأساسية أو درجة الانضباط أو المستوي التعليمي، أو حتي انعكاسات ما تتضمنه المناهج الدراسية من مفاهيم تربوية علي الواقع العملي، وكان المثل الخاص بالدروس التي تحض علي النظافة صارخا، ففي الوقت الذي يتم فيه تلقين التلاميذ والطلاب هذه الدروس دون التركيز علي المضمون في المرحلة الابتدائية، تتراكم القمامة في الفصول الدراسية وأروقة المدارس بفعل نفس الطلاب الذين يجتازون امتحانات تتضمن أسئلة وموضوعات تعبير عن النظافة وواجبهم للحفاظ علي البيئة.
4- أن عملية ضبط الإيقاع تمتد لتشمل العديد من الجوانب التنظيمية والبنيوية والتربوية والوظيفية والمهنية، بما يجعلها غاية التعقيد، الأمر الذي قد يتطلب تشكيل لجنة محايدة متعددة التخصصات تكلف بوضع استراتيجية متكاملة للتعاطي مع مشكلات منظومة تتصف ليس فقط بأنها مترامية الأطراف وواسعة الانتشار، ولكن أيضا باستمرارية وديمومة تقاطعها مع جميع أفراد الشعب بمختلف قطاعاته بشكل أو آخر، كما أن لمضمونها وانتظامها آثارا عديدة علي حاضر المجتمع ومستقبله.
5- تثير عملية ضبط الإيقاع تحركا يتخطي الجانب الشكلي المتصل بالانتظام والانضباط والالتزام بالمواعيد، فعلي الرغم من أهمية هذا الجانب في تحقيق الهدف المطلوب، إلا انه يظل هامشيا مقارنة بالمضمون والقدرة علي مخاطبة العقول وتشكيلها، وفي هذا السياق تبرز قضية العنصر البشري الذي يتولي رسالة إعداد شباب المستقبل وغرس قيم وأخلاقيات وسلوكيات تهدف لتشكيل شخصية سوية بعيدة عن الانفصام بين الوضع المثالي والحقيقة القائمة، أو بين النص المكتوب والواقع المُعاش. وعلي الرغم من كل ما يمكن أن يقال حول ملف الدروس الخصوصية، وخلفياته، فإنه ما هو إلا انعكاس لخلل في كفاءة الأداء من جانب، والظروف الاقتصادية للعاملين بمهنة التدريس من جانب آخر. وإذا كان الطرح الخاص بالكادر التعليمي قد انطلق من مفهوم الكفاءة ورفع المستوي الاقتصادي، فإن الواقع العملي يثبت أن هناك معارضة داخلية لهذا التوجه انطلاقا من مقولة أن العائد المنتظر من هذا المشروع أقل بكثير من المزايا التي يحققها استمرار الوضع علي ما هو عليه، وبعبارة أخري استمرار ظاهرة "تجارة" التعليم علي حساب مقولة "رسالة" التعليم.
6- وعلي صعيد آخر يبرز التناقض بين الجانب الشكلي والموضوعي فيما يتصل بالأنشطة الرياضية والاجتماعية بالمدارس والتي تجد مكانها بشكل مثمر علي الجداول الدراسية دون أن تكون لها ترجمة جادة علي أرض الواقع، الأمر الذي ينعكس علي الجانب الصحي للطلبة المثقلة ظهورهم بحقائب مدرسية ضخمة تضم جميع الكتب المقررة وملحقاتها الأخري، والذين تتم معاقبتهم لعدم إحضارها.
7- علي الرغم من دفع مسئولي وزار التربية والتعليم، علي الأقل في المرحلة السابقة، بأن المناهج الدراسية تتضمن العديد من مفاهيم حقوق الإنسان، وهو ما تم شرحه في كتيب خاص قام كاتب هذا المقال بالاطلاع عليه يتضمن توزيع هذه المفاهيم علي الفصول الدراسية المختلفة، إلا أن الواقع العملي لطلاب المدارس، والفعلي بين صفوف طلاب الجامعات، بل والشباب بصفة عامة، يظهر الخلل بين الفلسفة التي يتضمنها هذا الكتيب والتنفيذ الفعلي لها، والذي يقتصر علي أسلوب التلقين والحفظ، ويبتعد عن أساليب الحوار والتفاعل التي يمكنها وحدها تكريس المفاهيم لتنعكس بعد ذلك علي أنماط السلوك والتفاعل مع الآخرين. وليس أدل علي ذلك من أن مناهج المرحلة الابتدائية لا تتضمن أية إشارة عن حقوق الطفل في حين أن المستهدفين هم الأطفال، كما أن ما تتضمنه فصول المرحلة الإعدادية من عناصر لمفهوم المواطنة يقتصر الأمر علي تلقينها وحفظها بهدف اجتياز الامتحانات، ويكون من الصعب علي الطلاب بعد ذلك تذكرها، وبعبارة أخري، فإن عملية غرس المفاهيم في النفوس، وهي الأكثر أهمية، قد تمت تنحيتها جانبا لصالح عملية أخري، تأتي في مرحلة أدني في سلم الأولويات التربوية، تتمثل في اجتياز الاختبارات فقط لا غير.
8- تثير قضية ضبط الإيقاع إشكالية تأهيل المدرس بحيث تتوافر فيه صفات التخصص في المادة وامتلاك القدرات التعليمية المناسبة، وتفعيل دور الموجه الذي يرصد نقاط الضعف ويسعي إلي تقويمها، وتقوية الأجهزة الرقابية التي تتابع مسار العملية التعليمية بجوانبها المختلفة، وإذا كانت الزيارات الميدانية الأخيرة للسيد الوزير قد أسفرت عن خلق حالة من الاستنفار في صفوف المدارس تحسبا للمزيد منها، مما قد يوفر درجة من درجات الانضباط الخارجي علي الأقل لفترة محدودة، فإن المشكلة تظل أكثر عمقا من ذلك، ويتطلب التعامل معها الكثير من الجهد علي جميع المستويات الإدارية والفنية، من خلال خطط عمل مرحلية تتضافر جميعا في توفير البيئة الصالحة والقادرة علي ضبط الإيقاع وتحقيق الأهداف المرجوة والأصيلة بما يعيد الثقة في المنظومة التعليمية من جانب، ويساعدها علي المساهمة في إعداد الشباب لمواجهة تحديات العصر بشخصية قوية بعيدة عن الازدواج أو الخوف من العقاب وإنما واثقة بنفسها ومسلحة بالعلم والأخلاق المكتسبين من الأسرة أولا والمؤسسة التعليمية ثانيا من جانب آخر.
وفي الخاتمة يمكن القول أن ضبط إيقاع المنظومة التعليمية هو واجب قومي يتصل بشبكة واسعة من الحقوق تبدأ من حقوق الطفل وفي مقدمتها الحق في التعليم، وحق المعلم في معيشة كريمة، وحق الأسرة في عدم استنزاف مواردها، وحق المجتمع في استثمار موارده البشرية الشابة بشكل يحقق الصالح العام ولا يتسبب في تضخيم المشاكل التنموية القائمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.