خلال العامين الحالي والمقبل تشهد مصر حراكا سياسيا واجتماعيا مهما مع إجراء الانتخابات التشريعية لمجلسي الشوري ثم الشعب وبعدها الانتخابات الرئيسية. وحرصا علي تثقيف الشباب وإعدادهم سياسيا بشكل جيد ليشغلوا المناصب السياسية في المستقبل القريب, يقوم المجلس القومي للشباب برئاسة الدكتور صفي الدين خربوش بتنظيم البرلمان القومي للشباب الذي يعد بمثابة أداة للحوار والتفاعل والتفاهم بين المسئولين والشباب المشارك بالبرلمان والذي يمثل بدوره شباب مصر. وقد شهد البرلمان العديد من اللقاءات الحوارية بين الشباب والمسئولين بالدولة, وشارك في فعالياته علي مدي خمسة أيام الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي, والدكتورة زينب رضوان وكيل مجلس الشعب, والدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشعب, واختتمت فعالياته بلقاء مفتوح مع الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وعبد العزيز مصطفي وكيل المجلس, و الدكتور صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب. وتضمنت فعاليات البرلمان مناقشة العديد من القضايا والمشكلات المهمة التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة, فتطرق لمناقشة ظاهرة الاعتصامات ومشكلة مياه النيل التي تواجهها مصرحاليا, وكذلك الصورة الموجود عليها التعليم العالي حاليا والعوائق التي يواجهها والعمل علي حلها, بجانب عملية الانتخابات الرئاسية القادمة, بالإضافة إلي العديد من القضايا الشائكة التي حرص الشباب المشارك بالبرلمان علي عرضها علي المسئولين لمعرفة طبيعتها من جانب ولمعرف كيفية مواجهتها من جانب أخر. وفي جلسات برلمان الشباب أكد الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي أن مصر منذ عام2004 شهدت تغييرا جوهريا في كل النواحي خاصة مجال التعليم والبحث العلمي ويتم السعي حاليا لتطويره من خلال عملية الإصلاح الاقتصادي وأن مشكلة التعليم تكمن في عملية التمويل التي تتطلب دعم الموازنة العامة للدولة. مشيرا إلي أن التعليم والبحث العلمي يواجهان عديدا من المشكلات منها ظاهرة زيادة أعداد الطلاب مما يؤثر سلبا علي مسار العملية التعليمية وكذلك عدم توافر المناخ الملائم للطلاب لاستيعاب المحاضرات, موضحا أن الحلول تتمثل في إلغاء الانتساب الموجه لتقليل أعداد الطلاب في بعض الكليات كخطوة أولي وهذا لا يعني الترويج لانتشار الجامعات الخاصة. وأشار إلي أهمية إحلال الكتاب الالكتروني محل الكتاب الورقي تدريجيا, حيث تتوقف تلك العملية علي إمكانيات الطالب وسهولة إتاحة النسخة الالكترونية لديه وبالنسبة لشروط الحصول علي الرخصة الدولية للحاسب الآلي وإتقان اللغة الانجليزية كشرط أساسي للتخرج, أكد أن تلك المهارات يتطلبها سوق العمل من الناحية المهنية, ومن الجهة الأكاديمية فطالب الدراسات العليا لا يستطيع مناقشة رسالته دون امتلاك تلك المهارات وبالتالي لن يستطيع أي طالب التخرج من الجامعة إلا بعد تحقيقه لهذه الشروط. حق التعبير وحث الدكتور صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب أعضاء البرلمان علي الاستفادة من البرلمان الذي يهدف لإعداد الشباب سياسيا بشكل جيد لشغل المناصب السياسية في المستقبل, كما أوضح خربوش أن أي مواطن له الحق في التعبير عن رأيه دون التعدي علي حريات الآخرين, كما أكد أن الاعتصامات أصبحت موضة بعد أن تحولت إلي غاية في مضمونها, ولكنها ظاهرة صحية تحسب للنظام ولا تحسب عليه. وأشار إلي أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل سوف تتم من خلال أحد الشرطين اللذين كفلهما الدستور وهي أن يتم الترشيح من خلال أحد الأحزاب التي تمتلك ما لا يقل عن مقعد برلماني أو يمكنه التقدم كمرشح مستقل ويتعين عليه الحصول علي250 صوتا,65 منهم من أعضاء مجلس الشعب, و25 من أعضاء مجلس الشوري, و140 من أعضاء المجالس المحلية, بالإضافة إلي20 من الجهات الثلاث السابقة. وبالنسبة لأداء مراكز الشباب ومستوي الخدمات المقدمة مقارنة بالمدن الشبابية المفتتحة حديثا, أشار خربوش إلي وجود حوالي4306 مراكز بعضها تم إنشاؤه حديثا, والبعض الآخر تم تجديده, والباقي يتم تجديده وتطويره بشكل تدريجي وبالتالي فلابد من وجود اختلافات في مستوي الخدمات المقدمة فيها, مشيرا إلي وجود1400 مركزا للحاسب الآلي في مراكز الشباب قابلة للزيادة في المستقبل لمواكبة التحديات العلمية الحالية والمقبلة. وفي ختام حديثه حث خربوش الشباب علي أهمية التواصل مع المجلس من خلال الشكاوي والمقترحات المستمرة لتطوير أداء المنظومة الشبابية والارتقاء بمستواها. وأشارت الدكتورة زينب رضوان وكيل مجلس الشعب إلي نقص المشاركة السياسية للمرأة داخل المجتمع, وأوضحت أن الصورة السائدة عن المرأة داخل المجتمع تظهر في عدم المساواة مع الرجل وأن هذه الفكرة ترسخت في ذهن المرأة المصرية علي مدي العصور, مشيرة إلي أنه عندما وضع المشرع الدستور لم يهتم بوضع المرأة ودورها السياسي في المجتمع. وعبرت الدكتورة زينب عن رأيها فيما يتعلق بخوض المرأة للانتخابات بأن المرأة قادرة علي خوضها بصورة ناجحة بالإضافة إلي قدرتها علي القيام بدورها علي أفضل وجه, لكن خوض المرأة للعملية الانتخابية يعد حملا علي عاتقها لتعرضها للعديد من المشكلات سواء من المنافس لها وهو الرجل أو من عادات وتقاليد المجتمع التي تحول دون خوضها للانتخابات, وأضافت أن هذه المشكلات يمكن التغلب عليها من خلال قيام المرأة بدورها علي أكمل وجه وأن تعبر عن مرشحيها بصورة حقيقة وان تسعي لتحقيق مطالبهم وبهذا تثبت نجاحها وقدرتها علي تولي مثل هذه المهام. وحول ما يتعلق بإمكانية تفعيل المشاركة السياسية للمرأة دون وضع كوتا نسائية في الانتخابات البرلمانية المقبلة, أجابت أن الرئيس مبارك أتاح دورتين انتخابيتين مدة الدورة خمس سنوات وتعد تلك الفترة كافية حتي تثبت المرأة وجودها بالإضافة إلي قيام المجلس القومي للمرأة بإعداد دورات تدريبية في النشاط السياسي يساعد علي أن تصبح عضوا فاعلا داخل المجتمع وقادرا علي أداء دوره بأكمل وجه. مستقبل التعليم والتقي الدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشعب بالشباب المشارك وتحدث حول الرؤي التعليمية المستقبلية, وأوضح أن التعليم في مصر يحتاج لجهد مكثف وعمليات تتضمن تفعيلا ومنهجية للارتقاء بمستواه, وأن لجنة التعليم بمجلس الشعب قامت ببذل العديد من الجهود لتحقيق ذلك ومنها إنشاء هيئة ضمان الجودة, وإدخال كادر المعلمين الذي يعمل علي توصيف المعلم بشكل أكاديمي وليس إداريا, والاستفادة من الأساتذة بعد سن السبعين, وإنشاء مجموعة من المعاهد الفنية التابعة للكليات لاستيعاب المفصولين من الجامعات. وبالنسبة لهجرة العلماء المصريين أشار إلي أن انتشار الكثير من علمائنا في أنحاء متفرقة من العالم وتلك المشكلة لا تخص مصر ذاتها وإنما كافة دول العالم النامي هذا ما يؤدي إلي نزيف العقول لان خيرة أبناء مصر وشبابها يتسربون إلي الخارج, ويري أن الحل الأمثل هو أن يعيد العلماء المصريون النظر في تلك الهجرة والتفكير في مستقبل وطنهم ويمكن أن نحتذي بالنموذج الهندي الذي عمل علي محاولة إعادة علمائه مما أدي لارتفاع مستوي الدولة في كل الميادين وأضاف فيما يخص عملية تمويل البحث العلمي في مصر أن هناك خللا في التمويل مقارنة بأهمية البحث العلمي من إيجاده ميادين جديدة في الإنتاجية وتلجأ الدولة لصندوق دعم التكنولوجيا والحصول علي التمويل بالتنافسية من خلال القيام بنموذج تصنيعي يكون له مردود مالي يعود علي الوطن بالإيجاب, كما تطرق في نهاية لقائه بأعضاء البرلمان إلي نظام الثانوية العامة وانتشار ظاهرة العنف بالمدارس. واختتم البرلمان بلقاء الدكتور احمد فتحي سرور قبل الشباب المشارك وحول ظاهرة الاعتصام المنتشرة حاليا, أشار الدكتور سرور إلي أن تلك الاعتصامات تعد مظهرا ايجابيا يدل علي أن مصر دولة ديمقراطية وتعطي حق الإضراب بكافة صوره فحق الاعتصام مكفول طالما أنه يحدث بطرق سلمية ولا يضر بسير المرافق, موضحا أن وجود مثل هذه الاعتصامات يعني وجود شكاوي ومشكلات لابد من فحصها والعمل علي حلها, وانه بالفعل قد قام المجلس بمعرفة أسماء بعض من المعتصمين ومشكلاتهم وحرص علي توصيلها للمسئولين وللجهات المختصة, وأوصي بحل جميع شكاوي هؤلاء المعتصمين في اقرب وقت ممكن من خلال قيام مجلس الشعب بتوصيل مشاكلهم إلي الجهات المختصة. وعن تخصيص ميزانية أكبر للتعليم بمصر أوضح الدكتور سرور أن التعليم مرتبط دائما بعملية الإنفاق فالتعليم الجيد هو ما يتم الإنفاق عليه جيدا لتوفير كل ما تتطلبه المنظومة التعليمية, وهذا يساعد بلا شك علي دفع العملية التعليمية للإمام, مشيرا أن تخصيص ميزانية أكبر للتعليم تأتي علي حساب بنود إنفاق أخري من الميزانية العامة للدولة وهو ما ينعكس بدوره علي نسبة الدعم المقدم للمواطنين. وحول تحديد حد أدني للأجور يلائم المستوي المعيشي للفرد أشار الدكتور سرور إلي أن ذلك يعد من ضمن اختصاصات المجلس الأعلي للأجور, ويري انه بوجه عام لابد أن يكون الحد الأدني للأجور ملائما لمستوي معيشة الفرد, مشيرا في الوقت ذاته إلي أن عملية زيادة الأجور ستأتي علي حساب الموازنة العامة للدولة والتي يذهب جزء كبير منها علي الدعم الذي يعتبر نوعا من الأجور الخفية, مؤكدا أن هذا لا يعد تبريرا أو دفاعا عن الوضع الحالي للأجور معربا عن أمله في ارتفاعها. والتقي الأستاذ عبد العزيز مصطفي وكيل مجلس الشعب بالشباب المشارك بالبرلمان في الجلسة الختامية في حوار مفتوح, حيث أوضح أن الوضع الحالي بين دول حوض النيل, يتم التعامل معه في ضوء سياسة توازن وتبادل المصالح بين دول حوض النيل, مشيرا إلي الزيارات التي تمت إلي رواندا وإثيوبيا وأوغندا وغيرها من دول حوض النيل لتوثيق العلاقات مع هذه الدول. وأكد أن نظام العلاج علي نفقة الدولة له العديد من الايجابيات تصب في مصلحة الفقراء وغير القادرين علي تحمل نفقة العلاج لكن ذلك لا يمنع من وجود بعض السلبيات التي يعمل المجلس حاليا علي اتخاذ تقييمات وتوصيات أعضاء المجلس من اجل تحقيق رعاية صحية أفضل للمواطنين. التمكين السياسي وبالنسبة لعملية زيادة التمكين السياسي للشباب ومشاركتهم في عملية صناعة القرار, أكد أن تلك العملية موضع ترحيب دائم فالشباب هو صاحب فكر التطوير والإبداع و أمل التغيير نحو الأفضل, وبالنسبة للقانون الخاص بتحديد سن معينة لالتحاق الشباب كأعضاء بالمجالس المحلية وشرط أن يناهز الثلاثين عاما ليصبح عضوا بمجلس الشعب, أشار أن ذلك مرتبط بضرورة التدرج في شغل المناصب في كافة المجالات خاصة السياسية التي تتعلق بالخبرة التي تكتسب من خلال هذا التدرج., وتطرق إلي قرار تعيين المرأة كقاضية موضحا انه سيتم اتخاذه عاجلا أم آجلا, لتصبح المرأة بذلك موجودة في كافة المناصب بالدولة كحق من حقوقها باعتبارها عضوا فاعلا ومهما داخل المجتمع. ومن خلال فعاليات وجلسات البرلمان يتضح أن كل المسئولين اتفقوا في العديد من القضايا, فهناك اتفاق علي أن الاعتصامات تعد مظهرا ايجابيا يدل علي أن مصر دولة ديمقراطية وتعطي حق الإضراب بكافة صوره بشرط أن يحدث ذلك بطرق سلمية ولا يضر بسير المرافق فالاعتصامات تحسب للنظام ولا تحسب عليه, وأن وجود اعتصامات يعني وجود مشكلات ينبغي حلها. وبخصوص عملية خوض المرأة للانتخابات هناك اتفاق علي انه حق مكفول لها وعليها أن تتحمل التحديات التي تواجهها أثناء الانتخابات, كما ينبغي أن تقوم بدورها علي أكمل وجه بعد اجتيازها للانتخابات بنجاح وأن تسعي لتحقيق مطالب المنتخبين. وبالنسبة لتمكين الشباب سياسيا الكل اتفق علي ضرورة القيام بهذا الدور والحرص علي تنمية الوعي السياسي للشباب من خلال تنظيم العديد من الدورات التدريبية والبرلمانات كالبرلمان القومي للشباب وهذا من أجل إعداد الشباب سياسيا وبشكل جيد ليشغلوا المناصب السياسية في المستقبل القريب. وأكد الشباب المشارك في البرلمان أن تقييم نجاح البرلمان أو فشله يتوقف علي أساس رأي الشباب المشارك باعتبارهم العنصر المستهدف من البرلمان بشكل أساسي وإن ذلك البرلمان يعد بمثابة البوابة التي تتيح لهم فرصة التعبير عن الرأي و مشاركتهم السياسية بما يمثل تجربة ديمقراطية مهمة تعمل علي تمكين الشباب سياسيا.