لماذا رفض خامنئي يد أوباما الممدودة إليه، والتي أعاد مدها مجددا وهو يقدم التهنئة الثانية له للإيرانيين بعيد النيروز؟! لماذا يرفض خامنئي الحوار بين بلاده وأمريكا والغرب ويخاطر بتهديد بلاده لمزيد من العقوبات الاقتصادية ولخطر استخدام القوة العسكرية ضدها؟! ثمة أكثر من تفسير لذلك.. فهناك من يري أن أوباما لم يمد يده بالكامل إلي خامنئي إنما مد أصبعا واحدا وذلك حينما أصر هو وحلفاؤه في الغرب علي أن يبدأ ويتركز الحوار أولا حول البرنامج النووي الإيراني وحده، وأن يتم اتخاذ خطوة من جانب إيران أولاً لتهدئة المخاوف الغربية من تحول البرنامج النووي الإيراني إلي برنامج عسكري، فقد تقدم الإيرانيون قبل شهور بعرض لحوار شامل بينهم وبين الغرب وأمريكا لا يقتصر فقط علي برنامجهم النووي، وإنما يشمل كل أوضاع المنطقة ودورهم فيها إلا أن الأمريكيين قبلوا بالتحاور أولا مع إيران حول برنامجها النووي، وقدموا عرضا محدداً يقضي باخراج نحو ثلاثة أرباع اليورانيوم الإيراني لإعادة تخصيبه في روسيا وتحويله إلي وقود نووي في فرنسا وهو العرض الذي مازال الإيرانيون يماطلون في قبوله. إذن.. لم يكن ثمة ما يغري إيران للقبول بالحوار مع الغرب.. لكن هناك من يفسرون رفض الإيرانيين لهذا الحوار بعدم ثقة الإيرانيين وتحديدا خامنئي في الأمريكيين وحلفائهم.. فهم يخشون من تآمر أمريكي عليهم والاطاحة بحكم خامنئي ونجاد، ولذلك رفضوا الحوار معهم.. وقد بدا ذلك واضحا في تراجع إيران عن موافقتها المبدئية علي عرض إعادة تخصيب اليورانيوم الذي تملكه في الخارج. غير أن هناك من يعتقدون أنه ليس ثمة مصلحة لدي خامنئي ونظامه الحاكم في هذا الحوار.. فالحوار كان من شأنه تهدئة العلاقات مع أمريكا والغرب، وبالتالي سيفقد النظام الإيراني الحاكم وضعا يستغله في تعبئة الرأي العام الايراني لتأييده، ويستغله أيضا في سحق المعارضة التي بدأت تتزايد داخل إيران ففي ظل حالة العداء مع أمريكا والغرب يستطيع أن يتهم المعارضين بالخيانة والعمالة لاعداء إيران.. أما إذا صار النظام الإيراني يتحاور مع أمريكا والغرب وهدأت حالة العداء معهم فإنه بالتالي سوف يفقد أحد أسلحته التي يضرب بها معارضيه الآن، وسوف ينكشف صدره أمام المعارضة. وهناك كذلك من يعتقدون أن خامنئي لا يأخذ تهديدات أمريكا وحلفائها وحتي إسرائيل علي محمل الجد، ولا يخشي كثيرا من العقوبات الاقتصادية الجديدة التي تسعي أمريكا لفرضها علي إيران.. هو يعتقد أنه لن يكون سهلا علي أمريكا اقناع الصين وروسيا بفرض عقوبات قاسية علي إيران، وأن ما قد توافق عليه الدولتان من عقوبات سيكون في مقدور إيران تحملها بل خرقها سواء بمساعدتهما أو مساعدة آخرين من بينهم شركات أمريكية.. أما خطر الحرب فإن خامنئي يراه مستبعدا لأن الامريكيين متورطون في أفغانستان والعراق، واذا كان انسحابهم من العراق صار متاحا فإن انسحابهم من أفغانستان غير متاح في المدي المنظور، وبالتالي لن يغامر الأمريكيون بدخول حرب جديدة الآن. وربما تكون كل هذه الأسباب مجتمعة هي سبب رفض خامنئي يد أوباما الممدودة إليه.. وهي أسباب بالفعل كافية لاتخاذه موقفا متشددا بل تحدي الأمريكيين وحلفائهم والاعلان كل يوم عن جديد في برنامجه النووي. وإذا أضفنا إلي تلك الأسباب براعة الايرانيين في المساومة سوف ننتهي إلي أن الإيرانيين يراهنون علي إنهاك من يساومونه ليقبل أن يبيعهم ما يريدونه بأبخس الأثمان.. وبالتالي لن يقبل الايرانيون بسهولة أي شيء يعرض عليهم.. سوف يستمرون في المساومة حتي آخر نفس.. وهذا ما يفعلونه.. الآن يصدون أوباما ويهاجمونه بشدة، ثم يخرجون عليه بإعلان استعدادهم للقبول بإعادة تخصيب اليورانيوم الايراني في الخارج ولكن بشروط!