جوهر الألعاب الرياضية كامن في التنافس الشريف والتسلح بالمودة والتسامح، فضلا عن ضرورة الاعتراف بثنائية الفوز والهزيمة، دون سقوط في هاوية الغرور السفيه عند الانتصار، أو الاسراف في الشعور بالمرارة والإحباط عند الإخفاق. في السادس من أبريل سنة 1896، كان العالم علي موعد مع تنظيم أول دورة أوليمبية في العصر الحديث، اختضنتها العاصمة اليونانية أثينا، التي شهدت النشأة التاريخية للفكرة النبيلة، الشعار الأوليبمي يعلي من شأن السلام والتعايش والتعاون والتضامن، ويدعو إلي تجنب العدوانية والعنف والتعصب المرذول، ولكن المثير للدهشة بحق أن العالم قد شهد حربين عالميتين طاحنتين خلال أقل من نصف قرن بعد الدورة الأوليمبية الأولي، كما شهد عشرات الحروب المحلية الصغيرة، فهل يعد ذلك دليلا علي فشل الرياضة في نشر ثقافة التسامح، أم ينم عن هيمنة الأحلام التوسعية والعنصرية؟ الأغلب الأعم من سكان الكرة الأرضية يعشقون الرياضة بألعابها المتعددة، وتتبوأ كرة القدم صدارة الاهتمام والمتابعة، لاشك أن الرياضة الشعبية الشهيرة تحوي الكثير من المتعة والاثارة، والانتماء إلي الأندية ليس عيبا أو خطيئة، بل إنني أداة للتنفيس والاندماج في اتباع مختلف عن السائد المألوف في الحياة اليومية وما تحفل به من مشقة وارهاق، الكارثة في الانتقال من التشجيع إلي التدمير، ومن الحب المشروع إلي التعصب وكراهية الآخر، مثل هذا التطرف المرذول يفسد الرياضة ويشوه رسالتها، فإذا بها تتحول إلي عبء يضيف المزيد من المعاناة والإرهاق. تحظي كرة القدم بمكانة مرموقة في الحياة المصرية، ولا يجادل أحد في أن الأهلي والزمالك هما الفريقان الأقوي والأكثر تأثيرًا وجماهيرية، ولا يختلف أحد حول حقيقة أن الدوري العام ظاهرة يلتف حولها ويتابعها الملايين، في الوقت الذي ينصرف فيه هؤلاء عن الأحزاب السياسية والمؤتمرات الحنجورية!. ما الذي يحول واقعنا الرياضي إلي ما يشبه الغابة الحافلة بالمشاجرات والمهاترات؟ ولماذا تتحول معظم البرامج في القنوات الفضائية إلي أدوات تشعل الفتنة وتؤجج نيران التعصب؟ متي نستعيد الروح الرياضية التي تحض عليها الدورات الأوليمبية؟، ومتي نعي أن التنافس الشريف لابد أن يفضي إلي فائز ومهزوم، دون تورط في حروب عبثية لا فائز فيها أو مهزوم؟!