قال الشاعر والمترجم العراقي صلاح نيازي: إن الفرق بين مترجم وآخر يرجع لطريقة الترجمة ذاتها، حيث إن هناك من يركز علي معني كل كلمة في الجملة ومنهم من يعتمد علي المعني العام للجملة، والنوع الثاني لم يكن بالنسبة له كل كلمة مهمة مادام يعرف المعني العام للجملة، حيث أكد خلال الجلسة التي حملت عنوان "ترجمة الشعر" في مؤتمر "الترجمة وتحديات العصر". ركز نيازي في ورقته البحثية الخاصة ب"بعض أفانين شكسبير في الترجمة" وعلي الأخص أخذ مسرحية ماكبث كمثال، موضحا أن هناك بعض المصطلحات الشكسبيرية الخاصة به، وكيف اجتهد بعض المترجمين العرب اجتهادات غريبة في ترجمتها، فعلي سبيل المثال كلمة nature التي تعني الطبيعة فهي تعني في معجم شكسبير "الإنسان الحي" أو كل شيء حي، وكذلك كلمة time التي تعني في معناها الأصلي الوقت، فهي بمعجم شكسبير تعني العالم أو الناس، وهذا ما سبب بلبلة كبيرة لدي المترجمين. وقدمت الكاتبة ديمة الشكر في الورقة البحثية الخاصة بها، التي حملت عنوان "الترجمة الإبداعية للشعر: وزنا أو نثرا"، الخاصة بتحليل ترجمة الشعر من لغة إلي أخري، واختارت قصيدة ألفونس دو لامارتين "البحيرة" كمثال، حيث أكدت أنه لا يمكن الجزم بأفضلية الوزن علي النثر، إذ علينا ألا نغفل أن نظم الشعر دونه ملكات ومهارات لا يتساوي فيها جميع الأدباء، فضلا عن أن العصر الذي ترجمت فيه قصيدة لامارتن، كان الوزن فيه طاغيا، فالترجمة الإبداعية ترتبط إلي حد كبير بما هو سائد في وقت معين. وأكد الكاتب عيسي مخلوف، الذي قدم ورقته البحثية تحت عنوان "ترجمة اللغة المسرحية الشعرية: جورج شحادة نموذجا"، أن مسرح جورج يحتل مركزا بارزا يختلف عن الكثير من التجارب، ويتميز بأن كآبته مرحة ويتعمق في الذات، حيث أشار إلي أن اللغة التي يستخدمها في الترجمة ليست التي تترجم الأدب، ولكن هي القدرة علي الفصل بين اللغة والفكر، وهناك مشكلة كبيرة مع اللغة باعتبار أن هناك لغات علي طريق النمو ولغات أخري في طريقها للانقراض. وأوضح مخلوف أن عند استخدام الترجمة، لابد من البحث في كيفية تطويع اللغة والاستفادة من إمكانياتها، لأن الترجمة الجديدة تحمل في طياتها الكثير، وكل له طبيعته وأسراره، بحيث يمكن أن نقول إن الترجمة عبارة عن كتابة كتاب جديد ولكن في خدمة النص وبناء علي قراءته قراءة عميقة، لذا فترجمة النصوص الكبيرة لا تختلف بين مترجم، وآخر فحسب، بل بين العصور المختلفة أيضا. ومن جانبه أوضح الكاتب عبده وازن في ورقته البحثية بعنوان "الفردوس المفقود" بين ترجمة العناني وترجمة روسو الفرنسية أن ملحمة الفردوس تمثل ذروة الصراع بين الله والشيطان أو السماء والأرض، أو الخير والشر، وينتهي الصراع بما يسمي تبعا للكتاب المقدس ب"حال السقوط"، الذي يعني سقوط الإنسان في صورتي آدم وحواء. ولفت وازن إلي أن الترجمة تمنح حياة أخري مختلفة في النص وتعبر عن رغبة دفينة في امتلاك النص وتجعلك تتساءل حول ما إذا كان هذا ترجمة أم تصويراً أم الدخول إلي الفرنسة والتعريب.