لما أعلن إمبراطور الإعلام الغربي روبرت مردوخ العام الماضي عن انزعاجه من إتاحة المعلومات والمحتوي مجانا علي الإنترنت وهدد بإنهاء هذه الحالة بأسرع وقت ممكن، ثار الكثير من الجدل، بين وسائل الإعلام والتي تعبر دائما عن تضايقها من دخل محدود للإعلان علي الإنترنت وتأثير سلبي علي الاشتراكات الورقية، وبين الجمهور الذي يعشق الحالة المجانية علي الإنترنت، وبين الخبراء الذين ما زالوا يرون أن إنهاء هذه الحالة من قبل جهات إعلامية محدودة يشبه الانتحار، لأن الجمهور سوف يقاوم ذلك وسينجح في النهاية علي الحصول علي المعلومات التي يريدها مجانا. في الأسبوع الماضي، أعلن مردوخ عن خطوته الأولي، حيث سيبدأ في شهر يونيو القادم وضع اشتراك موحد لموقعي جريدة التايمز والصنداي تايمز البريطانيتين (والتي تتربع علي قمة الصحافة البريطانية) قيمته 2 جنيه استرليني أسبوعيا، ولن يتمكن الجمهور من زيارة أي من الموقعين بدون الاشتراك (إلا خلال فترة تجربة محدودة). ليس هذا فحسب، بل إن تهديد مردوخ السابق كان يتضمن كذلك إزالة الروابط الخاصة بصحفه من موقع جوجل للبحث، ولا يعرف إذا كان هذا فعلا سيطبق، أم أن المدراء في التايمز قد اكتشفوا أن الطلاق مع جوجل هو انتحار حقيقي. هناك خبراء إعلاميون يعتقدون أن هذه الخطوة ستشجع عددا من الصحف الأوروبية والأمريكية علي سلوك الطريق نفسه، خاصة مع الانحدار السريع لاشتراكات الصحف (بسبب تغير أنماط القراءة لتصبح للإنترنت السيطرة) والدخل الإعلاني (بسبب الأزمة العالمية)، وكانت أحد الصحف التي أعلنت عن تفكيرها الجدي في هذا الأمر هي جريدة نيويورك تايمز، والذي يعتبر موقعها أحد أكثر مواقع الصحف زيارة علي الإنترنت، وكانت جريدة نيوزداي (Newsday.com) قد بدأت فعلا بوضع اشتراك علي استهلاك محتويات الموقع. في السابق، كانت جريدة وول ستريت جورنال (والتي يملكها مردوخ أيضا) وجريدة فينشيال تايمز تخضع لرسوم اشتراكات، وكان هذا مقبولا لدي الجمهور بحكم أن معلومات هاتين الصحيفتين قيمة جدا لدي جمهور متخصص ولديه قوة شرائية عالية، ولم يسبب هذا مشكلة للصحيفتين اللتين لم يعانيا أيضا من مشكلة في الاشتراكات أو الإعلانات حتي الآن، حيث ما زالت الوول ستريت جورنال الأكثر مبيعا في أمريكا. علي كل حال، نحن نعيش تحولات جذرية في عالم الصحافة الإلكترونية، فهناك نمو سريع جدا في الإعلان علي الإنترنت، ولكن هناك تساؤلات عميقة قد تغير الطريقة التي نستهلك بها المعلومات علي الإنترنت إلي الأبد..