لي صديق ناجح جدا في عمله ومتميز بين زملائه، وده عادي لأن كل أصدقائي أخذوا مني الأسس والدعامات الأساسية للنجاح في الحياة، وبعد كدة أتركهم يشقوا طريقهم ويكملوا مشوارهم.. مشكلة صديقي، وهو لا يعتبرها مشكلة، إنه ينام طول الوقت..في الصباح أمر عليه، ملقيا تحية بداية اليوم: صباح الخير يا عم الشباب..هو بالفعل في مقتبل العمر.. يرفع رأسه في هدوء شديد -والهدوء أبرز سماته- يقول متثائبا: انت جيت.. هيه الساعة بقت كام دلوقت؟ ويبدأ في حكي 10 أسباب علي الأقل حالت بينه وبين عشقه الأول في الحياة: النووووم، أولها أنه كان عنده "نوم" ذ قصده - "شغل" في حتة تانية، تاني الأسباب وأهمها أن ابنته الطفلة الرائعة الذكية، كانت تراقبه أثناء النوم، وأسلوبها في ذلك أن تشترط عليه أن تنام بعد أن ينام هو، فيمثل أنه نائم ولكن بعد 5 ثواني، يكون صاحبي في تاسع نومة.. وهنا تبدأ جومانة في فتح التليفزيون والدش والثلاجة، حيث تعزم نفسها علي عصير وبطاطس مقلية، وتفتح التليفزيون بصوت عال بحثا عن أفلام الكارتون، وهي تعرف نقطة "نوم" قصدي- نقطة ضعف أبوها. بعد وقت قصير يتململ الأب الشاب النعسان، ليس بسبب الصوت العالي ولا الأرق لا قدر الله، فهو يتحدي أن يوجد صوت علي وجه المعمورة يقلقه، أو -الشر برة وبعيد- يوقظه من غفوته.. وإنما هو يتقلب بفعل "السلطنة" وعزف النغمات والتنويعات.. وهنا يصدر صوت قوي.. صوت ارتطام كتلة ضخمة بالأرض.. عفوا.. لقد نسيت أن أصف لحظة سقوط مج النسكافيه من يد صديقي النعسان نائما فوق مقعده الوتير.. تطرقع ضحكة جومانة في الهواء.. ينظر لها بنصف عين غير مدرك لما يحدث.. جومانا تضع كلتا يديها علي عينيها، بعد أن تغمضهما -تغمض عينيها طبعا مفيش حد بيغمض إيديه- في تمثيلية واضحة أنها نائمة.. الأب الشاب لا يزال غير مستوعب لسبب وجوده علي الأرض.. جومانة تضع "فوطة" علي شاشة التليفزيون لتداري بها صورته.. ولكن ها تعمل إيه في الصوت العالي، وهي غير مدربة علي استعمال الريموت كونترول، الصوت عال جدا..والأب نائم علي الأرض -من دون صوت ارتطام-، فيما الطفلة الموهوبة في استغلال الظروف، تكرر تمثيليتها المكشوفة مرات ظنا أن الأب سوف يصحو وينهرها علي عدم تنفيذ اتفاقهما في النوم في توقيت واحد.. ولكن حد بياخد علي كلام العيال؟ الطريف ان صاحبي لا يحتسب هذا الوقت من عدد ساعات نومه الفعلية، فهو يبدأ العد من لحظة أن تساعده ابنته علي الذهاب إلي سريره، وما قبل ذلك هو.. وقت ضايع يحسبوه إزاي عليه؟ وهو دائما يذكرني بفنان بسيط موهوب،كان جارنا، وهو عازف أكورديون في فرقة راقصة من راقصات شارع محمد علي، ولأنه كان موهوباً ويعشق فنه، فقد كان يعمل كموظف حكومي نهارا وعازف موسيقي ليلا، ولذلك لم يكن يحصل علي حقه في النوم، وكان يدعونا متفشخرا في الأفرح التي يشارك في إحيائها خلف الراقصة نرجس -طبعا هذا ليس اسمها الحقيقي في البطاقة وإنما كما وشي لنا كان اسمها شفعات واختار لها اسم نرجس زبون كان بيسهر عندهم في البروفات.. ومش كل حاجة الراجل قالهالنا قابلة للحكي- وكنا نذهب خلف فرقته، وكان بالفعل يوصي بنا خيرا.. حيث كان يجلسنا في الصف الأول -في الشارع طبعا- ونحن نفتخر بأن أبو رضا -اسم جارنا الفنان- يشاور لنا مبتسما، وسيجارته بين أنيابه، لا تفارقه.. ولا يفارقها، ولأنه يعمل طول الوقت بيديه، فإن شخصا آخر من أعضاء الفرقة كان مكلفا باشعال سيجارة جديدة، كلما بصق أبو رضا عقب سيجارته المحترقة. في الليلة الأولي..اكتشفنا أن أبو رضا نايم كل الوقت، وأنه يعزف بالخبرة والبركة، فقط كنا نلاحظ أنه كلما قطع عزفه "نقوط" شخص مجامل، كان الرجل الذي يشعل له السجائر أثناء نومه.. يأتي إلي جوار أذنه ويصيح.. التيييت... يا أبو رضا.. سمعنا التييييت.. فكان يبتسم من خلف دخان سيجارته الهادئ -لأنه ما بيدخنش أصلا ده مجرد إيهام ان الراجل صاحي- ويتخلي عن اللحن الغنائي الراقص الذي تؤديه الراقصة في نشاز ولكن صدرها المنتصب وساقيها الممتلئتين، كانا كافيان أن يشغلا الأنظار طول الوقت، ويبدأ في عزف سلام فرقة حسب الله....تن ترا را را.. تن تن .. والسماح.. سمعني السماح.. لكن الخاين والمفتري مالوش عندي سماح.. ليفيق بعض الوقت..حتي أن مشاغب في الفرح كاد يتسبب في إفساده.. عندما صاح ملوحا بالنقوط في ايد.. والمطوة في ايده التانية: الراجل ده - يقصد أبو رضا - مش محترمني.. يسمعني التيت وهو صاحي أحسن له!.. وبادرنا بوضع أيدينا علي قلوبنا وجيوبنا! الطريف والمثير أن جومانة، ابنة صاحبي طبعة 2010 ورد علي خاطرها البرئ، أن تكتشف طريقة لإيقاظ أباها ذصاحبي- استلهمتها من خروجها معه في انتصارات المنتخب الوطني الكروي.. حيث تصرخ بجوار أذنه تماما: تيت.. تيت فيفيق الأب: مصر تيت.. تيت.. مصر