حملت سلاح الصبر وواجهت به اصعب مواقف الحياة واشدها قسوة وعلي مدار ثلاثين عاماً كان الكفاح والعطاء كلمتي السر وراء الوصول بأبنائها الي بر الامان رغم رحيل الزوج وزيادة الاعباء الملقاة علي عاتقها ولكنها واصلت المشوار دون كلل واستحقت رسمية بيومي 76عاماً ان تكون الأم المثالية في عيون كل من حولها وفي مقدمتهم ابناؤها الذين يفخرون بها. لم تنعم رسمية بالهدوء طويلاً فقد اصيب زوجها بمرض السرطان اللعين مما ألزمه الفراش فكانت خير رفيقة له في هذه الرحلة الشاقة المليئة بالالم حتي توفاه الله تاركاً لها ثمانية ابناء في مراحل تعليمية مختلفة ورغم اعتصار قلبها من الحزن الا انها تماسكت واحتوت الاسرة بالحنان والدفء لتحافظ علي هذا الكيان وتحقق امنية الاب الوحيدة في ان يكون ابناؤه اطباء. اغلقت الام باب مسكنها علي نفسها ووقفت في وجه كل من نصحها بأن يترك الابناء الدراسة حتي يخففوا عنها الاعباء المادية ولكنها صمدت بكل بقوة لتدبر امور الحياة متمسكة بحلم الزوج لدرجة ان ابناءها اطلقوا عليها وزيرة الاقتصاد لما تتمتع به من القدرة علي التعامل مع النقص المادي بكل يسر. وبعد فترة قصيرة من وفاة زوجها فقدت الابن الاوسط "عاطف" في حادث غرق وعاودتها الاحزان مرة اخري فما كان بها الا ان تزداد قوة وتتحلي بالصبر حتي انه الابن الاكبر "عادل" أنهي الخدمة العسكرية وعين بعدها بالمجلس الاعلي للجامعات ليساندها في تحمل المسئولية ويخفف عنها اعباء الحياة لاسيما ان ابنائها كانوا آنذاك لازالوا في مراحل التعليم ومنهم ثلاثة يدرسون بكلية الطب التي تحتاج الي نفقات كثيرة وقد نجحت في ان تجعل البيت خلية نحل ومفعم بالراحة حتي ان البعض من الاقارب والجيران اطلقوا عليه "بيت العلم" حتي كلل مجهودها وكفاح السنوات الطويلة بتخرج ابنائها بتفوق يشهد له الجميع و لقبوها ب "أم الدكاترة". الاجمل في هذه القصة تقدير الابناء لكل التضحيات التي قامت بها هذه الام العظيمة فهم يعتبرونها وسام شرف وتستحق التكريم كل دقيقة لتكون قدوة للآخرين ونموذجاً تحتذي بها الفتيات الصغيرات امهات المستقبل.