كتبت بالأمس عن بعض عجائب الشارع المصري التي ترقي إلي مستوي العالمية في طرافتها وحداثتها.. فنحن نحترم العربات الكارو والحنطور فنسمح لها بالسير في كل مكان دون شرط أو قيد ودون غرامة أو مخالفة ولكننا نمنع السيارات من هذا وذاك ومن لا يلتزم يعاقب.. إذا نحن نحترم الحيوان أكثر من الإنسان!! ولا نزال مصممين علي عدم منع تلك العربات الحيوانية من السير في طرقنا وشوارعنا.. والعجيبة الثانية.. هي عقاب من لا يلبس الحزام لأنه يعرض نفسه للخطر، وترك سائقي النقل دون عقاب وهم الذين يقلون عشرات الناس فوق سياراتهم المكشوفة ويعرضون حياة كل هؤلاء للخطر!! وضمن عجائب شوارعنا أيضا السهر.. وهي من العجائب الحديثة التي لم تكن موجودة في تاريخنا.. ولكنها ظهرت واستفحلت في العقدين الأخيرين.. فشوارعنا في مصر شوارع ساهرة بمحالها التجارية، بمقاهيها، بأناس يسهرون وكأنهم لا يعملون، ولا يبدو عليهم أنهم محتاجون إلي النوم حتي يقومون بأعمالهم في الصباح التالي.. وفي كل بلدان العالم لا يسهر الناس إلا في إجازة نهاية الأسبوع.. وفي كل شوارع مدن العالم تهدأ الأصوات وتظلم المناطق السكنية ولا تسهر إلا شوارع محدودة جدا في منطقة بعيدة عن السكان. أما عندنا فالأنوار مضاءة والأصوات صاخبة والناس ساهرون صيفا وشتاء.. وتستطيع أن تشتري كل ما تطلبه حتي بعد منتصف الليل.. ولا نهتم بالطاقة ولا بتوفيرها.. الطاقة الكهربائية والطاقة البشرية مهدرة دون مبرر طوال الليل.. ومن الواضح أننا لا نعرف قوانين خاصة بمسألة مواعيد إغلاق المحال التجارية.. مما يجعلنا نقول عن هذه العجيبة إنها تميزنا بحق عن كل بلاد العالم الفقيرة منها والغنية!! سيدة متسولة ابتكرت طريقة علمية حديثة للتسول ستضيف عجيبة جديدة علي عجائب الشارع المصري.. ففي بلاد العالم يتسول البعض بطرق فنية فيرسم أحدهم صورة رائعة علي الأسفلت في جانب الطريق، ويعزف آخر علي الماندولين أو الجيتار ويجعلون من الشوارع متاحف مفتوحة لسماع الموسيقي تارة والتمتع بالألوان تارة أخري.. والبعض ممن لا يملكون فنا يضعون قبعاتهم، أو أي علبة ويكتبون لوحة صغيرة كرتونية مثلا ليخاطبون بكلماتهم المكتوبة المارين في الشارع فيحسنون إليهم بنقود أو غير ذلك. أما الكلمات التي ساقتها السيدة المتسولة فكانت عبر الميكروفون - وهي وسيلة جديدة في التسول.. وقامت بشرح المشكلة المرضية لابنها عبر الميكروفون - وطبعا ستسمع المشكلة أردت أم لم ترد.. وقد قامت باستخدام طريقة علمية - ليست فنية - ولكنها ببيان عملي وتوضيح متجسد في صورة المريض نفسه.. ثم دعت الناس أن ينظروا الولد ويحكموا بأنفسهم هل يحتاج مساعدة أم لا!! (تعالوا شوفوا بنفسكم). كيف لا تحكم شوارعنا أي قوانين؟ كل صاحب محل تجاري يفتح وقتما يريد ويسهر كيفما شاء دون ضبط ولا ربط.. وكل متسول يبتكر طريقة ينصب بها علي الناس ويتحدث في الميكروفون ويزعج النائمين والمرضي ويثير هذا وذاك بمنظر الولد صاحب اليد أو القدم المقطوعة، ولا يقترب إليهما أحد ويسألهما عما يفعلان.. عجائب لا تنتهي في شوارعنا المصرية العامرة.