كرم مؤتمر إقيلم القاهرة الكبري وشمال الصعيد الثقافي، الذي افتتح مساء الاثنين الماضي تحت عنوان "متغيرات الخطاب الثقافي"، كلاً من الدكتور محمد حافظ دياب والدكتورة هدي وصفي وأمجد ريان والراحل الدكتور نجدي إبراهيم، وأصدر كتابا من إعداد فؤاد مرسي عن محمد حافظ دياب بعنوان "الشاهد المختلف" تضمن ببليوجرافيا عن دياب ضمت دراساته في الثقافة والاجتماع والدراسات الشعبية والنقد الأدبي والثقافي والمقالات المترجمة وغيرها، وضم شهادات عنه لفريدة النقاش وعمار علي حسن والسيد يس وماجدة الجندي وأسامة عفيفي وسعد القرش وغيرهم، كما خصصت جلسة لتكريمه قال فيها دياب: "أنا واحد من الفقراء، ولدت في قرية منية سمنود التي مر بها السيد المسيح خلال رحلته عبر مصر، وهناك تعلمت القرآن في كتّاب الشيخ أبو خضرة، وفي بيت رجاء النقاش صديقي وزميل دراستي الذي كان يكبرنا بسنوات قليلة كانت مكتبته هي ملجؤنا، وفيها وجدنا مجلدات من أعمال الرافعي والمنفلوطي وطه حسين ومجلة الهلال وغيرها، وعبر هذين الرافدين كنت أتنفس عالما جديدا وبديعا اسمه الثقافه، ولا أتذكر سوي قصيدة لولدي وصديقي بهاء جاهين بعنوان "توهة"، وعلينا الآن أن نبحث عن العنوان وعن دارنا التي لم تعد دارنا، مشددا علي أهمية البحث عن تجربة تنموية خاصة بنا، بدلا من ما سماه الأيام "الحبلي" التي نعيشها الآن. وتحدث عنه أخوه شوقي حافظ دياب مفصحا عن دوره كرسول للحب بين محمد دياب وحبيبته ابنة قريته التي أصبحت فيما بعد زوجته، ووصفه بأنه أحد الحكائين العظام قائلا: "كان في فترة من حياته يمثل المبدع الشامل، حيث كان يكتب القصة القصيرة والشعر والنقد والرسم وغيرها، ووصفه الدكتور أحمد موسي بدوي بالذي يحمل رقة المشاعر المستترة. وفي ندوة "المتغير في المشهد الثقافي" عرّف الكاتب قاسم مسعد عليوة الذي أدار الندوة، التغير بذلك التبدل الذي حدث لعنصر أو أكثر من عناصر الثقافة أو حتي لها كلها، وهو تغير يراه في الغالب الأعم يتسم بالبطء، ويكون غير مخطط له وغير مقصود. وتحدث الناقد سيد الوكيل عن "المتغير السردي: أسبابه ومظاهره" مشيرا إلي التغيرات السياسية والاجتماعية التي حدثت كالحركة الطلابية في فرنسا عام 1968 وتطور الصحافة وغيرها قائلا: "إذا أردنا أن نتحدث عن التغير في المشهد الثقافي، فعلينا أن نعرف من يقود ويحرك المشهد الثقافي الآن، فهناك أطراف ثلاثة وهم المؤسسات الثقافية والإعلام والمؤسسات الأكاديمية". وتابع: خرجت عن بعض المؤسسات الرسمية مقولات أثرت كثيرا في المشهد الثقافي كمقولة "زمن الرواية" التي تم تسخير أجهزة الإعلام الضخمة والمؤسسات الثقافية من أجلها، وقت أن كان الدكتور جابر عصفور يتولي أمانة المجلس الأعلي للثقافة، وعند انتشار تلك المقولة كانت دور النشر ترفض القصص القصيرة، وعندما جاء علي أبو شادي نظم مؤتمر القصة القصيرة فأصبحت القصة القصيرة الآن هي التي تسود المشهد. وأشار الوكيل إلي بعض الظواهر الجديدة التي نشأت مثل ظاهرة الأكثر مبيعا، وقال: "أشك في أي عمل يطلق عليه الأكثر مبيعا، لأن هناك تزييفا ما يحدث، وظاهرة حفلات التوقيع رغم أنها أحدثت حراكا ثقافيا، لكنها تحدث نوعًا من الإشباع للكاتب ولا تقدم حراكا نقديا حقيقيا، ففيها المبدع يستغني عن الناقد، بالإضافة إلي أن الميديا الآن تخلق كتابا ونقادا افتراضيين، فأصبحنا نعيش صورة الواقع وليس الواقع نفسه، ومن يحكم العالم الآن هو التقني وليس المثقف، فالتقني يستطيع بأي تقنية جديدة أن يخلق مفاهيم ثقافية جديدة، والدليل ظهور النص المتعدد والتفاعلي". وتناول حمدي سليمان "الثقافة الاستهلاكية بين المادي والمعنوي" قائلا: "الكارثة أنه لا يوجد عملية إنتاج موازية لعملية الاستهلاك الموجودة والمنتشرة في الدول العربية، علي عكس المجتمعات الصحراوية التي مازالت تنتج احتياجاتها الخاصة"، وأشار للوسائل التي تحض الناس علي الثقافة الاستهلاكية كبرامج المسابقات والمادة الإعلانية والوسائط التكنولوجية الحديثة السريعة والرخيصة والمراكز التجارية الكبري وغيرها، وأكد دور التكنولوجيا في تكسير اللغة والعلاقات الاجتماعية. وطالب سامي سرحان الأمين العام للمؤتمر بإعادة النظر في لائحة نوادي الأدب قائلا: "هناك قراران نتمني أن يعيد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة النظر فيهما، وهما إقصاء مجلس إدارة نوادي الأدب بعد مدة واحدة تبلغ عامين فقط، وتفريغ دور مدير التحرير الخاص بالنشر وجعله مجرد حامل للأوراق، وهو ما يفرغ الأندية من روادها الحقيقيين من الشباب". فرد الدكتور أحمد مجاهد قائلا: "اللائحة ليست قرآنا، ولكنها دستور أنتم الذين وضعتموه، فأمانات الأندية منتخبة وبيدكم أنتم أعضاء الأندية أن تغيروها، كما تريدون، وعلي كل ضعوا هذه التعديلات في التوصيات وستكون هناك خطة لتعديل نوادي الأدب وأذكر المشروع الذي تقدم به محمد السيد عيد ويقتضي تفعيل تلك النوادي بتشكيل أندية موازية لها علي الإنترنت". وأضاف مجاهد: "وزير الثقافة أقترح أن تتم الاستفادة من المفكرين والأدباء والفنانين البارزين في كل محافظة، عن طريق الاستعانة بهم كمستشارين في قصور الثقافة بكل محافظة، وسنبدأ بالتعاون مع الدكتور محمد حافظ دياب الذي سيتمتع بحق الفيتو علي خرائط النشاط بقصر ثقافة القناطر".