علاج الأمراض النفسية بالفنون والقراءة

كيف يمكن أن تكون الموسيقي والشعر والمسرح والقراءة والفن التشكيلي جزءا من عملية العلاج النفسي؟ وكيف تساعد الأشخاص العاديين في تخطي الضغوطات النفسية التي يتعرضون لها في فترة من الفترات، فتجعلهم بحاجة لمن يرشدهم إلي كيفية التصرف والتعامل والتكيف؟، عن هذه الأسئلة يجيب ضياء الدين عادل المعالج النفسي بمركز "الديوان" بالمقطم، الذي يعتمد تقنيات العلاج بالموسيقي والقراءة والفنون.
يري عادل أن هناك أعراضا لبعض الاضطرابات النفسية، تتمثل في فقر التفكير والمعرفة العامة وعدم القدرة علي التعبير عن المشاعر والانفعالات، ويساعد الرسم مثلا في التعبير عن هذه المشاعر ويقول: يعرض المركز مسرحية كل عام يشترك فيها المرضي الذين يعانون من اضطرابات التفكير والوجدان، حينها يري المريض نفسه يؤدي دورا أمام عدد كبير من الجمهور، فيكتسب الثقة بنفسه ويتعلم التواصل مع الناس، وينمي معرفته اللغوية ونطقه، كما أن هناك مجموعات شعرية يتم فيها قراءة قصائد لكبار الشعراء، وعند الانتهاء يكون علي المريض أن يعبر عن مدي انفعاله بالقصيدة، وما أكثر ما أثر عليه فيها، ما الذي أعجبه وما الذي لم يعجبه، وهو ما يساعد علي إدراك المضمون وليس الأخذ بظواهر الأفكار والمشاعر والأشياء.
المركز ذو طراز معماري مميز، يحتوي علي لوحات فنية تنتمي في أغلبها للتراث المصري، وتضم مكتبته كتبًا متنوعة بين: التاريخ ومؤلفات ألفريد فرج، والروايات منها: "أرض النفاق" ليوسف السباعي، و"صدي النسيان" لنجيب محفوظ، و"الأرض" لعبد الرحمن الشرقاوي، و"أوديب" لطه حسين، و"مذكرات شابة غاضبة" لأنيس منصور، و"الزلزال" لمصطفي محمود.
وأكمل عادل: يقوم المريض بتلخيص الكتب التي يقرؤها، مما يساعده علي تنمية فكره النقدي، وهو ما يساعده في حياته الواقعية، وعن اختيار الكتب قال: يتم اختيار الكتاب بناء علي مستوي تعليم المريض ونسبة ذكائه وحالته النفسية، فلا يجوز مثلا أن يكون هناك من يعاني من اضطرابات جنسية ونقدم له كتاب "أوديب"، وبشكل عام يتم اختيار الروايات التي تحاكي الواقع كروايات نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وغيرها.
وعن فكرة إنشاء المركز يقول عادل: انبثقت فكرة المركز حينما فكر الدكتور يحيي الرخاوي في إقامة مركز "نهاري" يحصل فيه المريض النفسي علي الرعاية الطبية والنفسية اللازمة بعيدا عن جو المستشفي، مما يؤهله للعودة مرة أخري إلي عمله وأسرته وحياته، وقد أخذت منه الدكتورة مني الرخاوي الفكرة وطورتها بإقامة مركز "الديوان" عام 2006، ليقدم البرامج والأنشطة المؤهلة للمرضي النفسيين، كما أعد المركز البرامج التي تساعد الأشخاص العاديين علي تخطي بعض الصعوبات، كصعوبة الاستذكار، أو اضطرابات التوافق في بيئة العمل مع الزملاء والرؤساء، وكذلك اضطرابات التوافق مع الأسرة، نتيجة حدوث أزمة ما، وأيضا الشعور بالإحباط وغيره.
ويري عادل أن هناك فرقا كبيرا بين طبيعة مشروعات التنمية البشرية وطبيعة أنشطة المركز فيقول: التنمية البشرية تشير علي الناس بالطرق التي يديرون بها أعمالهم، وينمون بها مهاراتهم، لكن المركز ومن خلال الأنشطة الثقافية والبرامج العلاجية التي يقدمها يعتمد علي الجانب التطبيقي، ومن خلال العلاج بالفن يمكنه أن يفعّل التعبير عن المشاعر والأفكار خاصة لدي الناس التي تعاني بعض الاضطرابات الشخصية.
أما شروط اختيار المعالجين بالفن فيقول عنها عادل: لابد أن يكون للمعالج بالفن خلفية قوية بعلم النفس، ويتم تقييمها قبل أن يبدأ العمل، كما أنه ممارسة الأنشطة الفنية بدون وجود أطباء متخصصين خريجي علم نفس وطب نفسي.