ما زالت الاكتشافات الحديثة للآثار المصرية القديمة تذهل العالم كله وتكتب عنها وكالات الأنباء والصحف متعجبة ومعجبة بهذه الحضارة الغنية.. وبينما تقوم دول أفقر منا بكثير في التاريخ والآثار والحضارة بابتكار مشروعات سياحية رائعة تجتذب بها السياح من هنا ومن هناك لكي يروا ما لا يبلغ واحد من مائة مما عندنا، نقف نحن في كسل ولا ننتهز الفرص الذهبية التي تصاحب اكتشافات الآثار الرائعة واكتشافات ما حول الآثار.. بالرغم من أن هناك افكاراً بسيطة لاجتذاب السياحة نستطيع بسهولة ان نطبقها.. ومنها مشروع (قلعة التوحيد).. وكما ننجح يوما بعد يوم وبسرعة رائعة في الأقصر التي أصبح الحلم فيها حقيقة.. وصار من السهل أن تسير في طريق الكباش الأصلي من معبد الكرنك إلي معبد الأقصر.. وكما تطورت المدينة حتي كادت تتحول إلي متحف مفتوح ومدينة عالمية للسياحة.. من الممكن أيضا أن نقوم بمشروع مماثل في تل العمارنة وبخاصة بعد أن تم التأكيد أن المومياء التي كانوا يدعونها "KV 55" هي بالفعل مومياء الملك اخناتون اول من دعا للتوحيد وأول من بني عاصمة موحدة في تل العمارنة كما يعرف العالم كله.. بعد سنتين تقريبا من البحث والتحاليل والمقارنات المعملية لتلك المومياء المجهولة والتي كان يظن منذ اكتشافها أنها لإخناتون، ثبت بكل الأدلة القاطعة أنها لوالد توت عنخ آمون ولابن الملك امنحتب الثالث أي أنها مومياء اخناتون فعلا.. وكان من الممكن أن تقوم الدنيا ولا تقعد علي أخبار أقل أهمية بكثير من هذا الخبر المدهش.. ولكن الأخبار التي تخص تلك الاكتشافات لا تأخذ موقعا كافيا من الإعلام المصري.. هل يقوم التليفزيون المصري بمتابعة هذه الأخبار وتسليط الضوء عليها؟ هل تقوم أي جهة إعلامية بإنتاج أفلام تسجيلية عن كشف مومياء إخناتون علي طريقة برامج قناة (انترناشيونال جيوجرافيك)؟ هل تقوم أية دعاية سياحية متخصصة حول أمر كهذا وتحوله من مادة إعلامية إلي دعاية سياحية؟ لماذا لا يقوم مشروع في تل العمارنة يكون هدفه إظهار الملك إخناتون والاحتفاء به وبمدينته (قلعة التوحيد) الأولي في العالم؟.. وتبدأ تجربة مماثلة للأقصر تجعل تل العمارنة أيضا متحفا آخر مفتوحا ويقام فيها احتفال كبير في أي تاريخ مرتبط بالملك اخناتون أو باكتشاف المومياء الخاصة به.. لماذا لا نستغل معرفة العالم كله بحضارتنا وننشئ من هذه الدعاية المجانية مشروعات سياحية ضخمة تبدأ بتوفير معلومات دائمة في كل وسائل الإعلام العالمية عن أخبار الاكتشافات والمشروعات الجديدة.. وتكملها نظرة شاملة لأماكن سياحية استراتيجية يتم التركيز عليها وإعدادها سياحيا بصورة متكاملة.. إن الأمر يحتاج لتضافر جهود جهات متعددة أهمها الإعلام، والدعاية السياحية.. كما تستلزم وجود من يؤمن بالإمكانيات السياحية المهولة في تلك الحضارة الغنية، والتي لم يظهر منها إلا القليل حتي الآن.. وما زالت واعدة.