بداية لا أخفي إعجابي الشديد بالدور الذي تقوم به جريدة "الجمهورية" سواء في أسلوب معالجتها للقضايا السياسية بوجه خاص أو بسبب قدرتها علي الدفاع بجرأة عن توجهات السياسية الوطنية المصرية. وهو ما جعل "الجمهورية" تقوم بدور ملحوظ علي الساحة الصحفية الآن. ومن هذا المنطلق، أعتب علي الأستاذ محمد علي إبراهيم (رئيس تحرير الجمهورية) علي بعض السطور التي نشرتها "الجمهورية" خلال هذا الأسبوع حيث جاء بعمود (مختصر ومفيد) والموقع من المصري يوم الاثنين الماضي ما يلي: قالت النائبة المسيحية جورجيت قلليني إن الأقباط في مصر مضطهدون لأن ليس لهم ضهر.. يا سيدتي لديكم كنيسة قوية وصلات بالخارج وثلاثة وزراء أحدهم هو د. يوسف بطرس غالي أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط ومدير صندوق النقد الدولي، كما أن لكم نسبة جيدة في الاقتصاد القومي لمصر.. ماذا ينقصكم إذن؟ ولي علي ذلك الكلام تعليقات محددة، هي: - بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف مع جورجيت قلليني، فأعتقد أنها مصرية قبل أن تكون مسيحية. وأعتقد أيضاً أن توصيفها بالنائبة المسيحية هو أمر محير جداً لأنه يختزل كفاءتها وقدرتها في تحديد هويتها الدينية، وكأن الديانة هي معيار اختيارها للتعيين بمجلس الشعب. - لا أتفق مع جورجيت قلليني في أن الأقباط في مصر مضطهدون وأنه ليس لهم (ضهر).. لأن ما يعاني منه المواطنون المسيحيون في مصر هو ما يندرج تحت بند الهموم والمشكلات بسبب تشدد البعض هنا وتطرف البعض هناك.. وهي تصرفات فردية؛ وليست توجهات الدولة المصرية بأي حال من الأحوال، وهو ما يعني الحاجة إلي قوة الدولة والقانون لحلها. - الحديث عن وجود كنيسة قوية هو فخر لكل مصري سواء كان مسيحياً أو مسلماً.. علي اعتبار أن الكنيسة القبطية هي كنيسة وطنية وتاريخية، وتعد من أقدم مؤسسات المجتمع المدني في مصر. ولكن ربط قوتها بوجود صلات قوية بالخارج هو أمر يمكن للبعض أن يفسره بسوء نية وكأنه استقواء بالخارج بدون أن يوضح هل الاستقواء للكنيسة أم لأتباعها من المسيحيين المصريين؟ وهو مبدأ مرفوض شكلاً وموضوعاً.. علي اعتبار أنه يمكننا أن نطرح ما نريد من هنا في الداخل، وليس من الخارج. - أما عن قضية وجود ثلاثة وزراء مسيحيين (المقصود وزير المالية ووزير البيئة، والثالث في الغالب هو محافظ قنا).. وكأنه نوع من المنح أو الكوتة للأقباط فهو منطق لا أتفق معه.. لأنه من خلال تطبيق منظومة المواطنة يكون اختيار الوزراء والمحافظين من خلال مبدأ الكفاءة والاقتدار من خلال خبرة صاحبها، وليس من خلال ديانته. كما أن التمييز بالحديث عن عدد هو طرح لا يتطابق مع الدولة المدنية وتحقيق المواطنة الكاملة. - أما الحديث عن أنه للمسيحيين المصريين نسبة جيدة في الاقتصاد القومي؛ فإن النجاح هنا هو اجتهاد فردي يتساوي فيه الجميع حسب قدرة كل شخص، ولا يمكن أن نحسب مفهوم المساواة في المجتمع بمدخل اقتصادي لا تنطبق معاييره علي الجميع. وللحديث بقية..