فيما يشبه المسابقة غير العاقلة بين الصحف الخاصة حول البحث عن مرشح للرئاسة بعيداً عن الأحزاب السياسية تنافس عدد من الصحف في الفترة الأخيرة وظهرت كما لو كانت طرفاً في معركة حياة أو موت أو بمعني آخر كأنها طرف في صراع وبالتزامن مع هذا حرصت بشكل واضح ولافت للانتباه علي دعم والترويج لكل ما هو غير شرعي والتهليل له مثلما فعلت مع الحركات الجديدة مثل "مايحكمش" ومبادرات كفاية وغيرها من الحركات غير الشرعية بما في ذلك الإخوان في الوقت الذي تعتم فيه علي مبادرات الأحزاب الشرعية المعارضة ومؤخراً طرح أسماء مرشحين لرئاسة الجمهورية لا تنطبق عليهم الشروط الدستورية، قيادات حزبية وصحفية شنت هجوما علي تلك الصحف واتهمتها بمحاولة هدم الأحزاب والكيانات الشرعية لصالح العناصر غير الشرعية متجاهلة الدستور والقانون. وقال صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة أن دعم بعض الصحف للحركات غير الشرعية علي حساب الشرعية يعطيها أكبر من حجمها الحقيقي غير المؤثر علي الساحة السياسية ويضرب الحزبية في الصميم لأنه ينفر الرأي العام من فكرة الحزبية ذاتها وهذا يعد تخريبا. وارجع الدعم الذي تلقاه هذه الحركات من الصحف هو رغبة هذه الصحف في الإثارة بغض النظر عن نتائجها باستخدام الأصوات حادة اللهجة مضيفاً "هذه الصحف ليست لها رؤية سياسية واضحة وتبحث عن الإثارة من أجل المنافسة علي التوزيع بغض النظر عن المصلحة العامة فتجد صحفا علي سبيل المثال ترتدي العمامة وأخري تبحث عن أهداف بعيدة عن المهنية ثم تدعي الاستقلالية وهذا خطير في حد ذاته ويجب أن تنتبه هذه الصحف لذلك لأن الحرية يجب أن تكون قادرة علي تنظيم نفسها.. وطالب عيسي بضرورة عدم تجاهل أن صحفا بعينها تعول علي الإخوان في التوزيع وبالتالي تأخذ ذلك في الاعتبار في مادتها التحريرية والإخوان يستغلون هذه الصحف للتسويق لأنفسهم من خلال صحف غير ناطقة باسمهم فهم لا يفكرون مثلا في إصدار صحف ناطقة باسمهم. ويري عيسي أن الصحف المستقلة غير محقة في دعمها لهذه الحركات لأنها حركات موسمية وتشكل ظاهرة مؤقتة غير دائمة وتحمل فقط شعارات عامة غير محددة وغير كافية لحشد جماهير حولها رغم مشاركة عناصر حزبية داخلها ولكنها في النهاية رد فعل لحرية المناخ السياسي. ويري نبيل زكي رئيس تحرير جريدة الأهالي سابقا وأمين الشئون السياسية بحزب التجمع أن الصحف والإعلام الخاص بشكل عام يعاني من هستيريا ضد الأحزاب السياسية ويقود حملة ضدها وضد الحياة الحزبية بوجه شامل وهذا يتنافي مع فكرة التعددية والإستقلالية التي تتشدق هذه الصحف في المطالبة بهم. وتساءل حول الأسباب الحقيقية وراء تركيزهم علي أسماء لا علاقة لها بالحياة الحزبية ثم أجاب قائلاً طرحهم لهذه الأسماء وترويجهم لأسماء علماء ومتخصصين ووزراء سابقين تعبير عن كراهيتهم للحياة الحزبية فهم أنصار نظرية أستاذهم هيكل المستبدة التي تنادي بالإصلاح الديمقراطي المستبد. وأضاف بعض من يسيطرون علي هذا الإعلام الخاص متعصبون دينيا وأيديولوجيا ويتصورون خطأ أن الإخوان يشكلون الأغلبية العظمي لقراء جريدتهم أو مشاهدي قنواتهم الفضائية ويدعمونهم ليكونوا قوة شرائية لهذه الصحف ليشتروا كميات كبيرة منهما بنظام المقطوع كما أن أصحاب هذه الصحف لا يدافعون عن الديمقراطية كما يزعمون ثم يقدمون أنفسهم للرأي العام علي أنهم دعاة ديمقراطية ليضربوا هذه الديمقراطية بسهولة بزعم أن الانتخابات النزيهة ستأتي بالإخوان لحكم مصر. وهاجم زكي تهليل الصحف الخاصة لهذه الحركات التي تضم في عضويتها عناصر جماعة الإخوان المسلمين في مقابل تهميشها لائتلاف أحزاب المعارضة الرئيسية الذي رفض ضم الجماعة لعضويته بسبب رفضه لبرنامجها واستطرد هذه الصحف تدعي الاستقلالية رغم أنها مرتبطة لحد كبير بتوجهات المالك أو صاحب رأس المال. وقال د.سامي عبدالعزيز أستاذ الدعاية والإعلان بكلية إعلام القاهرة وعضو أمانة الإعلام بالوطني أن اتجاه الإثارة الذي تسعي له الصحف الخاصة والذي يفرضه بعض العاملين بأكثر من وسيلة إعلام خاصة يستهدف فرض أجندة خاصة تؤكد وجود رغبة ملحة للاعتداء علي الشرعية بالالتفاف عليها بتجاهل دعم الأحزاب وهدمها وإثارة القلاقل والبلبلة وتتناسي أن هذه الأحزاب جزء من النظام السياسي ورفض أن تتحول الصحف الخاصة لأداة في يد جماعة الإخوان المسلمين مضيفاً "لا أعتقد أن أي وطني أو مسيس يقبل أن يطاوعه قلمه علي أن يرشح الإخوان لأي موقع سياسي" واتهم عبدالعزيز هذه الصحف بانعدام المصداقية لأنها عديمة الاستقلالية كما تزعم وتابع قائلاً "الإعلام الذي يبحث عن خلق مرشح سياسي لا يمكن وصفه إلا بأسلوب "إعلام الهواة"أو"إعلام دعاة الفوضي". وقسم مجدي الدقاق رئيس تحرير مجلة أكتوبر الصحف وفقا لمنهجين الأول يتعامل مع الدستور والواقع السياسي ليوصل المعلومات الحقيقة للقارئ أما الثاني والذي يمثل اتجاها لدي بعض الصحف الخاصة فيستخدم منهجاً تحريضياً يخالف القواعد الصحفية والمهنية يخلق مناخاً يدعو للإثارة بصرف النظر عن الواقع السياسي والقانوني بهدف خلق مناخ من الإثارة والاضطراب وهذا يمثل خديعة للقارئ.. واعتبر الإعلان عن أسماء لا تنطبق عليها شروط المادة 76 من الدستور للانتخابات الرئاسية والترويج لها من خلال بعض الصحف يعد خديعة سياسية للقراء متابعاً "ما تقول به هذه الصحف مجرد زوبعة في فنجان". وأبدي الدقاق استياءه مما أسماه الخطأ الجسيم الذي تقع فيه بعض الصحف الخاصة بدعم جماعة الإخوان المسلمين والتحالف معها ومع الحركات غير الشرعية في إطار المكايدة السياسية للحزب الوطني مما يكشف قلة حيلتها ومعاداتها للديمقراطية الحقيقية وعدم قدرة هذه الحركات علي الاندماج في اللعبة السياسية.. وقال لا يجب أن تقع الصحف الخاصة في فخ تفريغ الحياة السياسية والحزبية من مضمونها وتهميشها لدعم العناصر غير الشرعية مما يضرها لأنها مازالت في طور التكوين متابعاً الاستمرار في هذا الاتجاه يستهدف العودة لنظام الحزب الواحد الذي يدعم الفاشية. طالب الدقاق أن تثبت هذه الصحف أن ما يتردد عن وجود دعم أمريكي لها لنشر الفوضي الخلاقة غير صحيح من خلال التوقف عن دعم الحركات غير الشرعية رافضاً ما أسماه أسلوب الضبابية الذي تتعامل به والذي يظهر في عدم التزامها بالدستور والقانون. واعتبر محمد علي إبراهيم رئيس تحرير جريدة الجمهورية أن الحل في مواجهة الفوضي التي تحاول بعض الصحف اختلاقها هو أن تقوي الحياة الحزبية في مواجهة هوجة المرشحين المستوردين لانتخابات الرئاسة وقال إن هذه الصحف تستهدف الإيحاء أن الدولة تعاني حالة من الفراغ وتزعم في ذات الوقت أنها تقوم بدور ما لملء الفراغ رافضا ما أسماه تقديم عناصر لم تمارس العمل السياسي لأن الدولة لديها مؤسسات تعمل من خلالها. وأشار إلي أن حرص الصحف علي تقديم عناصر بعيدة عن الأحزاب هو الرغبة في التأكيد علي أن الأحزاب عاجزة علي طرح عناصر داخلها للانتخابات وهذا غير صحيح لأن الأحزاب هي الأولي والأقدر علي القيام بهذا الدور من حقها أن تختار مرشحيها والوطني ليس مسئولاً عن ضعف الحياة السياسية والأحزاب التي تمتلك مقرات وبرامج وصحفاً. وتساءل علي إبراهيم حول الدور الحقيقي الذي يجب أن تقوم به هذه الصحف متابعاً هذه الصحف تتصور أنه من المفترض أن تقوم بدور سياسي وتنتمي لتيار تسميه الاستقلال والأفضل أن يسمي تيار الاستهبال لأننا لا يجب أن نخوض كثيراً في موضوع الأجندة والتمويل الذي أصبح معلوما لدي الجميع. وحمل مصطفي بكري رئيس تحرير جريدة الأسبوع الأحزاب السياسية مسئولية طرح الإعلام عناصر من خارجها لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة وأضاف هناك حالة من فقدان الثقة في هذه الأحزاب من جانب النخبة الإعلامية مما جعلها تلجأ لأسماء لها رنين دولي وإقليمي وتقديمها للناس راجية منها قبول الترشح للانتخابات والاغرب من ذلك أن بعض هذه الأحزاب بدلا من أن تقدم كوادر لها راحت تمضي علي نفس الطريقة مبدية استعدادها لضم هذه العناصر لمؤسساتها التنظيمية وكأنها وجدت ضالتها في هذه الأسماء التي لم يبرز حتي الآن قدرتها علي القيام بدور سياسي وتساءل لماذا لم يكن الرهان علي عناصر من الأحزاب السياسية حتي تكون الرغبة في تحقيق الإصلاح الديمقراطي جادة وحقيقة واستنكر أن تقوم الصحف الخاصة بدور الأحزاب السياسية متابعا "من حق الصحف أن تتبني الأفكار التي تريدها طالما أن ذلك يتم بطريقة إيجابية ويستهدف تحقيق الصالح العام". وقال عبدالله حسن رئيس وكالة أنباء الشرق الأوسط إن بعض الصحف الخاصة لها أجندات خاصة وتهدف بالدرجة الأولي إلي تحقيق مصالح خاصة ويظهر ذلك واضحا في هجومها علي رموز النظام والأحزاب وتصويرها بمظهر الديكورات لتنفيذ أجندة تستهدف تكريس الإثارة والفوضي ويكفي القول بأنها تتجاهل القاء الضوء علي أي انجازات تحدث لتخفيف الأعباء علي المواطن وتركز فقط علي السلبيات بهدف احباط المواطن الذي يدرك جيداً أهدافها.. ورفض أن تحول وسائل الإعلام منصب رئيس الجمهورية لأداة للمزايدة والتنافس غير المنطقي بتعمد تجاهل الدستور ومحاولة تسويق الإخوان سياسيا من خلال صحف تعلم أن الدستور والشعب كله يرفض وصولهم للحكم مستطردا "هذه الصحف تعمل وفق برامج بجدول زمني بدليل أنك تجدها تدعم شخصيات بعينها في فترة زمنية ما ثم تتراجع بعد ذلك عن دعمه لأسباب غير معروفة في الحالتين كما حدث بين إحدي الصحف الخاصة وأيمن نور المفرج عنه بعد سجنه في قضية تزوير توكيلات حزب الغد وسعد الدين إبراهيم وغيرهما ثم تزعم بعد ذلك أنها مستقلة في مواجهة الصحف القومية.. واعتبرت مارجريت عازر الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية ما تقوم به هذه الصحف يزيد من إضعاف الأحزاب السياسية خاصة وأن الأحزاب لديها كوادر قادرة علي خوض أي انتخابات وليس صحيحا أنها ورقية ولكن اتجاه الإعلام للاثارة يجعله يركز علي كل ما يمكن وصفه بالفرقعة الإعلامية المضرة للصالح العام متساءلة هل يريدون الإخوان بديلا للأحزاب. وقال د. محمد سيد أحمد أمين الشئون السياسية بالناصري إن الأحزاب تعي جيدا أنها لن تلقي دعما من الصحف الخاصة التي تحكمها أجندات رجال الأعمال ولذا تركز علي صحفها الحزبية ويكفي أن الأحزاب تدرك جيدا أن ما تنشره هذه الصحف به الكثير مما يخالف الدستور كدعمها لأفراد غير حزبيين للترشح للانتخابات الرئاسية واعتبر ذلك محاولة لتشويه صورة التعددية الحزبية بدلا من تدعيمها لتحقيق الاستقرار.