في علم النفس نموذج شهير يرتب ويفسر الحاجات البشرية وفق أهميتها بالنسبة للفرد، ويطلق علي هذا النموذج "هرم ماسلو أو هرم مازلو" إشارة إلي صاحب النموذج.. ويشير هذا النموذج إلي أن هناك خمسة أنواع من الحاجات المتدرجة والتي تبدأ بالحاجات البيولوجية (الغذاء والسكن) وتنتهي بالحاجة إلي تحقيق الذات.. ووفق هذا النموذج ففي غياب تحقيق الحاجات البيولوجية والأساسية للفرد لا يستطيع ولا يتطلع إلي تحقيق أي حاجة أخري من حاجاته.. ولا يغني عنها بالنسبة له شيء. ولا شك أن الحاجة إلي السكن، وإلي وجود سكن خاص للفرد، تأتي علي قائمة الأولويات في قائمة احتياجات قطاعات عريضة من الجمهور، لا سيما الشباب، خاصة أن الحصول علي مسكن ملائم يعني القدرة علي الزواج، والقدرة علي فتح بيت، والقدرة علي الحياة الكريمة.. غير أن الإمكانات أحياناً تحول دون تحقيق الحاجات، وهنا يبدأ الصراع، وهنا تبدأ قائمة الجوانب السلبية في الظهور، من شعور بالسخط العام، وتأخر سن الزواج لدي الشباب، وتفاقم ظاهرة العنوسة لدي الإناث، وانتشار ظاهرة التحرش الجنسي في الشوارع، وزيادة معدلات السرقة، وغيرها من الأعراض الجانبية لعدم القدرة علي الحصول علي شقة أو مسكن. ولمعالجة هذه الدائرة، ولقطع الطريق علي "دورة حياة الإحباط" لدي الشباب، أعلن المهندس أحمد المغربي وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية (الاثنين 8 مارس) عن خطة الوزارة في الفترة المقبلة لتفعيل وطرح برنامج الإسكان الاجتماعي، وذلك لإنشاء الوحدات السكنية الصغيرة بالإيجار، وتقديم الدولة لجميع أنواع الدعم واستغلال الشراكة مع القطاع الخاص لتطوير الإسكان الاقتصادي.. ومن ثم فإنه من المتصور خلال فترة وجيزة أن تعود لافتة شقة للإيجار للظهور من جديد، وأن يجد نسبة كبيرة من الشباب السكن الاقتصادي المناسب وبالايجار بديلاً عن السكن الاقتصادي بالتمليك الذي لا تقدر عليه شريحة كبيرة منهم. وتشير هذه المبادرة من جانب الحزب الوطني، ومن جانب وزارة الإسكان، إلي إصرار الدولة علي القيام بمسئولياتها الاجتماعية، وعلي تفعيل واجباتها المجتمعية، وعلي توسيع أنشطتها الهادفة إلي التيسير علي الطبقات الفقيرة والفئات غير القادرة.. كما تشير إلي مرونة الحزب، وانفتاحه علي جميع الأفكار.. فليس معني أن هذه المبادرة الجديدة قد سبقتها مباردة شبيهة للدولة في الستينيات، أن تقوم الدولة بالتخلي عنها أو نبذها، ما دامت قد اكتشفت أن فيها جوانب إيجابية قد تحقق فائدة لبعض القطاعات.. كما تشير هذه المبادرة إلي اسلوب العمل متعدد المستويات والمحاور الذي تنتهجه الوزارة حالياً.. ففي الوقت الذي تشجع فيه الوزارة علي إقامة المناطق السكانية المتميزة، وعلي تشجيع برامج الإسكان الاقتصادي بالتمليك، تقوم في الوقت ذاته بطرح برنامج الإسكان الاقتصادي بالايجار.. وهكذا تستوعب جميع القطاعات والشرائح . إن توفير السكن المناسب للشباب هو بداية الطريق لتصحيح ومعالجة الكثير من مشاكلنا الاجتماعية، وها هي وزارة الإسكان قد بدأت في الحل، وغداً نري لافتة شقة للإيجار في مدن كاملة للشباب.