شتان الفرق بين شوطي مباراة المنتخب الوطني الأول لكرة القدم ونظيره الإنجليزي التي انتهت بفوز الأخير بثلاثة أهداف مقابل هدف والتي أقيمت أمس الأول باستاد ويمبلي الشهير ضمن الأجندة الدولية. إبداع في الأول وانهيار في الثاني.. تناقض واضح ورهيب بين هذا وذاك ما هو السر وما هي الأسباب في اللقاء الودي الذي أخذ شكل المباريات الرسمية بسبب الجدية والالتزام والدقة في تعليمات الجهاز الفني للفريق القومي بقيادة حسن شحاتة المدير الفني ومعاونيه شوقي غريب المدرب العام وحمادة صدقي المدرب وأحمد سليمان مدرب حراس المرمي والحماس الشديد الذي كان عليه اللاعبون والرغبة في اثبات انفسهم وأنهم كانوا جديرين بتمثيل أفريقيا في بطولة كأس العالم المقبلة ضمن المنتخبات الخمسة بالإضافة إلي عوامل التجانس والانسجام والجماعية في الأداء وتضييق المساحات والضغط علي الخصم في منتصف ملعبه والتركيز علي النواحي الدفاعية والاعتماد علي الهجمات المرتدة كما لعب شحاتة في الشوط الأول بالتشكيل الأساسي الذي لعب به في بطولة الأمم الأفريقية بانجولا بالإضافة إلي أن المنتخب الإنجليزي في هذا الشوط اصيب بصدمة وذهول من أداء المنتخب الوطني وتعامل فابيو كابيللو ولاعبوه معنا بشيء من الاستهتار والتعالي والغرور والاستهزاء والاعتقاد بأن المنتخب المصري سيكون لقمة سائغة بين أيديهم وأن ما فعلوه في أمم أفريقيا سواء في انجولا أو من قبلها في غانا ومصر يختلف بشكل جذري عن المواجهات الأوروبية ورغم أننا بدأنا المباراة بأخطاء دفاعية وخوف وارتباك إلا أن تألق عصام الحضري الحارس العملاق بشكل واضح في الشوط الأول ومرور الوقت الذي اعطانا الثقة والنتيجة مازالت سلبية وبدون أهداف وضغطنا علي الخصم وضاعت من لاعبينا الفرصة تلو الأخري ونحن نلعب علي أرض الإنجليز أو وسط 65 ألف متفرج حتي جاء هدف محمد زيدان في الدقيقة 23 والذي رفع الروح المعنوية لدي لاعبينا إلي أقصي درجة وتفوق شحاتة بكل جدارة علي كابيللو وأحرجناهم بشدة بالرغم من وجود أخطاء في هذا الشوط وأهمها عدم المساندة الهجومية بشكل كاف والتي كانت من الممكن أن تؤدي إلي زيادة عدد الأهداف. إلا أن الوضع اختلف بنسبة كبيرة في الشوط الثاني فقد كان من الواضح أن الجهاز الفني لم يتعامل نفسياً بشكل جيد بين الشوطين مع اللاعبين وقد وضح اعتقادهم بأن المباراة انتهت في الشوط الأول بهدف زيدان ونسوا أن اللقاء مدته 90 دقيقة وأن هناك 45 دقيقة أخري كان يجب أن نتعامل معها بحذر وحرص أكثر من ذلك إلا أننا كعادتنا بالغنا في الفرحة وهو خطأ الجهاز الفني والذي يتكرر منه كثيراً أو يقع فيه علي طول الخط وهو نفس ما حدث منه بعد مباراة مصر والجزائر بالقاهرة في ختام تصفيات كأس العالم بالمجموعة الثالثة والتي حققنا فيها الفوز بهدفين مقابل لاشيء عندما بالغنا في الفرحة واعتقدنا أننا وصلنا لكأس العالم ونسينا أن هناك مباراة فاصلة في السودان وتسعين دقيقة أخري.. كما أن ابتعاد أحمد حسن «كابتن الفريق» عن مستواه بالمراوغة غير المجدية والتمريرات غير الدقيقة وإصابة حسام غالي والمساحات الخالية في الدفاع التي استغلها المنافس بشكل جيد وأحرز منها أهدافه الثلاثة بتمريرات من لمسة واحدة كما حدث في الهدف الثاني وترك مهاجميهم روني القوي والعنيف وكراوتش أفضل لاعب في المباراة المساحة الكبيرة لكي يسددوا علي مرمي الحضري بالإضافة إلي غياب التركيز والاهتزاز الذي اصاب اللاعبين بعد الهدف الثاني والبطء في التحضير والإصرار علي الاختراق من العمق وعدم اللعب علي الأجناب عند الهجوم وعدم سرعة الارتداد عند فقد الكرة إلي خط الدفاع للمساندة من جانب خطي الوسط والهجوم وهبوط اللياقة البدنية بشكل واضح فلم ننجح في توزيع الجهد علي مدار ال90 دقيقة كما شاب تغييرات الفريق المجاملة فمحمد أبو تريكة عائد من الإصابة ولياقته البدنية غير مكتملة والمباراة اثقل منه وأكبر في هذا التوقيت بالإضافة إلي فارق القوة الجسمانية أمام منتخب يعتمد علي القوة والسرعة والالتحامات وكذلك محمد ناجي جدو الذي وضح أن مشاكله مع الاتحاد السكندري مازالت تؤثر علي لياقته الذهنية كما أن ما فعله جدو في أنجولا مع منتخبات أقل مستوي من الصعب تكراره مع منتخب يحتل المركز التاسع علي العالم ويشارك في المونديال علي مدار تاريخه ويمتلك لاعبين يلعبون بأفضل الأندية في العالم حتي عمرو زكي والذي افتقد لعنصر التجانس والانسجام مع باقي اللاعبين علي اعتبار أنه كان غائباً عن المجموعة الحالية في بطولة انجولا وإنه لم يلعب كرة قدم منذ فترة بالرغم من أنه بدأ العودة مع ناديه الإنجليزي الجديد هال سيتي.. وقد وضح أيضاً في الشوط الثاني أن إنجلترا ومديرها الفني كابيللو قد كشروا عن انيابهم وأن الإصرار والتركيز والإرادة والخبرات أعلي وكان من الطبيعي أن استمرار اللجوء إلي الدفاع سيولد الأخطاء الدفاعية.. وتعد هذه هي الهزيمة الثالثة للمنتخب الوطني من إنجلترا الأولي كانت عام 1986بأربعة أهداف مقابل لا شيء والمرة الثانية عام 90 في كأس العالم بإيطاليا بهدف نظيف وهذه هي المباراة الثالثة بثلاثة أهداف مقابل هدف وأن محمد زيدان هو أول لاعب مصري يسجل هدفاً في شباك إنجلترا.. وبالرغم من ذلك فإن البعض يراها تجربة جيدة في ظل فارق الإمكانيات في كل شيء بين المنتخبين والاتحادين المصري والإنجليزي ومسابقة الدوري هنا وهناك!