من وقت لآخر نشعر بلحظة من الحنين أو النوستالجيا لوقت ما أو فترة زمنية معينة من حياتنا ربما لافتقادنا للمتعة أو السعادة أو ربما لتأكيد فكرة أو قرار ما، وبقاعة "أفق واحد" بمتحف محمود خليل وحرمه، يقدم الفنان عادل السيوي حكاياته المصورة، كل حكاية تنقلنا عبر الزمن إلي الأزلية أي اللامكان واللازمان مع نظرة كل واحد من أبطال لوحاته التي تتحاور حوار خاص جدا وهادئ، ثم نراه يفاجئنا بسؤال أو برؤيته لما يحدث وكأنه من خلال تساؤله هذا يشفق علينا وعلي واقعنا الحالي. عادل السيوي فنان مبتكر باحث في الطبيعة والوجه الإنساني يجيد أدواته ويطوعها لأفكاره وأهدافه الفنية، وكأنه يحكي من الذاكرة، أراد أن يخرج ما يحمله من ذكريات طفولته ومراهقته وشبابه أيضا وهي فترات التكوين، من خلال "وجوه" هو فقط من يعرفها وعايشها في محاولة منه للاحتفاظ بإنسانيته التي يحرص عليها من التخبط لما يحدث حولنا من عشوائية إنسانية واضحة، لذلك اهتم أن تكون وجوهه مستطيلة كبيرة تحتل معظم مساحة المسطح لتؤكد حضورها القوي والمسيطر، وكأنها تحاول وبكل قوة أن تتحقق مرة أخري في الحياة خارج إطار اللوحة. حتي حين جسد الشخصية مكتملة في اللوحة فهي أيضا تقف في تكوين مستطيل راسخ وكتلة قوية لا تتزعزع، تأكيدا لقوة حضورها وسطوتها، وجاءت متحركة في فضاء مسرحي، لتؤكد مثاليتها ونبلها الدائم، حتي حيواناته كان لها حضورها بالذاكرة، وكلها حيوانات أخذت كرموز للنبل والوفاء. أراد السيوي أن يخرج هؤلاء بأسلوبه المتنوع التقنيات واستخدم تقنية ألوان الأكريليك والفحم والرصاص، وكأنما يعبر عن التراكم الزمني لخلود هذه الوجوه، وقوة حضورها، أيضا استخدام أكثر من تقنية في عمل واحد هو عملية كسر للأسلوب بمعني أنه يلغي شخصية كل خامة استخدمها تأكيدا للخلود. "معجزة الشرق" في تكوينها وألوانها والأهم فكرتها، لذلك الرحالة المستشرق في زورقه سابحا فوق بحور الشرق المتشبعة بالأرض أي الأصالة والتاريخ والثراء، لتنتشر ملامحه وتختفي في انعكاساتها علي صفحة هذه البحور، فالسيوي يدعو للتمسك بالتراث أكثر والاستفادة منه، لأنه هو حقيقتنا، وهو عمقنا الفعلي، ومصدر قوتنا الحقيقية.