بعد ثلاث سنوات من اغتيال المفكر هرانت دينك ( والذي يعتبر المتحدث الرسمي للارمن الأتراك) يخرج إلي النور كتابه " شعبان مقربان ، وجاران بعيدان" الذي يعد أحد المصادر في توثيق العلاقات التركية الأرمينية - الشعبين الأقرب والأبعد في الوقت نفسه بحسب وصف المؤلف- ومحاولات التوفيق بين الارمن و صدمتهم و الاتراك و جنون العظمة. يدعو المؤلف في بداية الكتاب إلي القيام بأولي خطوات هذا الطريق الشائك وهي فتح الحدود بين البلدين التي اغلقتها انقرة منذ 1993م - وهو الحلم الذي تحقق بعد اربعة اعوام من وفاة المؤلف - وبدأ البلدان في تطبيع العلاقات الدبلوماسية، ولكن مازالت فكرة ابادة الاتراك للارمن خلال الحرب العالمية الاولي تسمم العلاقات. وحاول "دينك" الذي لقي مصرعه علي يد أحد المتطرفين بشتي الطرق التخفيف من حدة التعالي التركية، وشعور الارمن بالظلم، ونزع فتيل الأزمة من خلال جريدته الأسبوعية أجوس التي تصدر باللغتين التركية-الارمنية - داعيا إلي فتح حوار ثنائي بين الجانبين وطي صفحة الماضي المرير. وهو الامر الذي جعل الفريقين يسيئون فهمه بالرغم من قدرته علي اعطاء مفاتيح تخطي الازمة وتبديد المخاوف والتوصل إلي حقيقة حل النزاع بين الشعبين- وتعجب الكاتب من صراع الشعبين بالرغم من القواسم المشتركة بينهما، بحيث أصحبت الحرب هي اللغة السائدة بين الطرفين. ويتساءل دينك: "لماذا فقدنا القدرة علي البناء وتحويل المنولوج الفردي الي حوار متكامل. وايمانا من دينك وبصدق احساسه نبضت صفحات الكتاب بالحياة والتعبير عن الرغبة الشديدة في التوحيد ووقف العدوان الذي احل بين الشعبين المتجاورين في الحدود، البعيدين في الفكر و العلاقات.