لم أرغب في أن أكتب عن معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام دون أن تتح لي الفرصة لزيارته، والتجول بين أجنحته المختلفة، والتنقل بين ندواته المتعددة.. وتأكد لدي الانطباع الذي كونته منذ سنوات، والذي يتجدد في كل عام، بأن مصر بخير، وبأن القراءة لا تزال الرهان الذي يمكن أن نراهن عليه في عصر الفضائيات، وفي عصر كرة القدم.. وبأن الأمل في الشباب يجب أن يكون متصلاً، فلا يزال معظم مرتادي المعرض من الشباب، ولا يزال أكثرية حاضري الندوات من الشباب.. ولا يزال أغلبية المشاركين في فعاليات المعرض من الشباب. ولا أخفيكم سراً، فإنني من الذين لا يشعرون بمتعة تسوق الكتب عبر الإنترنت، من خلال المواقع العديدة التي تقدم خدمات شاملة، وسريعة، ومتقدمة.. أجدني لا أشعر بمتعة شراء الكتب وقراءتها إلا من خلال تقليب صفحاتها أولاً، وإلا من خلال شم رائحة الكتب علي الأرفف.. أجدني مستمتعاً بالنظر إلي الكتب علي الأرفف ، وبالتأمل في دلالات العناوين المختلفة، وبالنظر إلي ما يحمله الآخرون من كتب قاموا بشرائها، وتبادل الملاحظات بشأنها.. لا أستطيع قراءة كتاب لم تلمس أصابعي صفحاته قبل شرائه.. ولم أر موقعه بين الكتب الأخري، ولم أقلب صفحاته سريعاً قبلها.. لذلك، فإن معرض القاهرة الدولي للكتاب يمثل لي نافذة واسعة لإشباع الهواية، وفرصة سانحة لممارسة عادة محببة. وعلي الرغم من كثرة العناوين المقدمة في المعرض، وعلي الرغم من تنوع الناشرين، وتعدد الجهات العارضة، فإن المشكلة التي تواجه المتخصصين في كل عام لا تزال قائمة.. إذ تقل الكتب العلمية المتخصصة إلي حد كبير، مقارنة بالكتب العامة أو الثقافية.. وعادة فإن هذه الكتب المتخصصة تنفد في اليوم الأول، وفي الساعة الأولي من بداية فعاليات المعرض، بسبب أن مندوبي المكتبات الجامعية، يقومون بحجز هذه الكتب، وحيدة النسخة عادة، وشرائها للمكتبات الجامعية أو المدرسية.. و هذه المشكلة علي الرغم من استمرارها، وتواترها في كل عام، فإن حلها سهلاً وميسوراً، وهو أن تقوم الجهات العارضة لهذه الكتب، وعلي رأسها الأهرام بزيادة عدد النسخ المعروضة من الكتب الأجنبية المعروضة، والتخلي عن سياسة عرض النسخة الواحدة من كل كتاب. يقول البعض إن الكرة هي الأكثر جاذبية في حياتنا، ويقول البعض إن الفن هو الأكثر جاذبية.. وأراني منجذباً إلي الفريق الذي يترأسه أمير الشعراء أحمد شوقي، الذي أشار إلي أنه "خير صديق في الزمان كتاب".