فاطمة أحمد كمال شاكر، الشهيرة بشادية، والمولودة في الثامن من فبراير سنة 1932، هي تلك المصرية الصحيحة التي نتعلق بها ونغني معها في جميع الأطوار والمناسبات: عندما نحب لأول مرة، وفي ساعات المرح والانطلاق، وعندما نصل إلي النضج ونقف علي عتبات الحكمة، وصولاً إلي لحظة الذروة التي نتوحد فيها بالوطن، وننتمي تحت أعلامه التي ترفرف، منتشين سعداء فخورين، نهتف من أعماق القلوب بكلمات صادقة، تجسد عشقاً يخلو من الادعاء والتكلف: يا حبيبتي يا مصر. قبل سنوات، آثرت الفنانة العظيمة المحترمة الملتزمة أن تبتعد وتحتجب، وبخلاف المتاجرين والمتاجرات بمثل هذه الاختيارات والاجتهادات الشخصية، التي لا يملك أحد إلا أن يقدرها ويحترم دوافعها، تشبثت شادية بالصمت البليغ الذي لا يبحث عن بطولة وهمية، ربما لأنها لا تحتاج إلي شهرة أو مكانة تفتقدها، فهي مسلحة بمزيج نادر من الثقة والكبرياء. قدمت العملاقة شادية عشرات الأغنيات والأفلام الناجحة، وينبئ تطورها في الساحتين عن موهبة حقيقية لا يجود الزمان بمثلها كثيراً. شابة جميلة أقرب إلي الطفولة، وأنثي ناضجة تنعش وتبهج، وامرأة قوية مسكونة بالشموخ، وإحساس مرهف بطبيعة كل مرحلة تعيشها وتبدع فيها، وقدرة فذة علي التعايش والاندماج والإحساس بالمعني الشامل العميق بما تعنيه كلمة الحياة. صوت مريح تسهل مصادقته، وأداء تمثيلي رفيع متمكن، وحنان دافق تغمر به كل من يقترب منها ويتعامل معها، أغانيها البديعة لا تنسي: البنت الخجولة، والهواء الذي يداعب ستائر الشباك، والقمر الغائب، والشمس التي تؤذن بالوداع، أما الذروة ففي الوطن الذي نغني فيه ليطول بنا العمرو ونكتسب حياة بلا نهاية. اليوم عيد ميلاد الحبيبة شادية، وياله من عيد، نحتفي به ونحتفل ونغني معها ولها: مصر اليوم في عيد.. فدعينا نقبل يديك في امتنان.