تعددت مشاهد فرحة المصريين بفوز المنتخب القومي ببطولة الأمم الإفريقية للمرة السابعة في تاريخه، والثالثة علي التوالي.. وتعددت مستويات الاحتفاء بالفريق القومي ومستويات التكريم الممنوحة له .. غير أن ما لفت انتباهي، ولفت انتباه كثير من المشاهدين، وبصفة خاصة لقناة الحياة، هو ذلك التقرير الذي ظهر فيه السيد جمال مبارك وهو يغني بأعلي صوته مع أفراد الفريق "منتخبنا كويس.. زي ما قال الريس"، وكذلك وهو يرفع يديه ويلوح بهما في الهواء رقصاً وطرباً. وقد ظهر من التقرير أن صوت السيد جمال مبارك قد ظهر عليه الإعياء من كثرة الغناء، وظهر عليه التعب من كثرة التشجيع.. أظهر التقرير بعفوية بالغة مدي قرب جمال مبارك من الحس الشعبي، ومدي اندماجه في الشعور الجمعي للمصريين . في نهائيات كأس العالم، التي أقيمت بفرنسا عام 1998، وكانت المباراة النهائية بين فرنسا والبرازيل، وفازت فيها فرنسا علي البرازيل بثلاثية نظيفة، وفازت بالبطولة للمرة الأولي في تاريخها، تناقلت وكالات الأنباء والقنوات التليفزيونية في كل دول العالم مشهداً لا يزال كثير من الناس يتذكرونه.. مشهداً ظهر فيه الرئيس الفرنسي جاك شيراك وهو يرتدي فانلة الفريق الفرنسي، وفي لحظة تسجيل أحد الأهداف الفرنسية في المرمي البرازيلي أخذ الرئيس شيراك يصرخ بشدة، ويحتضن مساعديه، ويلوح بيديه تلويحاً أقرب إلي الرقص.. دون أي تحفظات بروتوكولية، أو أي قيود يفرضها المنصب الرئاسي.. لقد وحدت فرحة الفوز بين منصب الرئيس، وخفير الدرك. وفي نهائيات الأمم الإفريقية بمصر 2006، وفي المباراة النهائية بين فريقي مصر وكوت ديفوار، والتي انتهت بفوز فريقنا القومي بضربات الجزاء الترجيحية، جذب انتباه المشاهدين ذلك المشهد الذي ظهرت فيه السيدة الفاضلة سوزان مبارك وهي تلوح بعلم مصر بشدة. وفي تعصبها وفي قلقها وفي تشجيعها بإخلاص كما أظهرته هذه الصورة العفوية، لم تختلف السيدة الفاضلة عن مشجعي الدرجة الثالثة، وعن كل المصريين الذين كانوا أمام شاشات التليفزيون. لقد وحد القلق بين أفئدتهم جميعاً، وربط حب مصر بين مشاعرهم جميعاً، وجمعتهم الفرحة ولم تفرق بينهم بسبب المناصب أو المستويات. وفي مباراة الجزائر بالقاهرة، والتي فاز فيها فريقنا القومي بهدفين نظيفين، تكرر المشهد البديع، حين يكون المسئولون علي طبيعتهم ، دون قيود، أو تحفظات لحظة تسجيل الهدف الثاني في المباراة برأس عماد متعب .. لا يزال المشهد محفوراً كيف انتفض كثير من الوزراء المعروف عنهم التحفظ الشديد، وكيف ظهرت فرحتهم عارمة، وكيف عبروا عنها بشكل تلقائي . لم يكن يهدف السيد جمال مبارك، وهو في أنجولا، أن يعبر للفريق القومي عن سعادته بعد الفوز، ولم يكن يهدف أن يبث رسالة مفادها أنه رياضي، ويشجع الرياضة، ولم يكن يهدف أن يعبر عن مساندة الدولة كلها للفريق القومي، فكل هذا معروف ومتحقق بالفعل.. وإنما أراد السيد جمال مبارك أن يعيش كمصري صميم، وأن يترك لحسه الوطني، ولمشاعر أولاد البلد التي يحتفظ بها، ولبوصلة الانتماء التي توجهه، أن يترك لهم المجال لكي يعملوا بطريقة عفوية..