الشيخ يوسف القرضاوي.. أشهر من (النار علي العلم).. حسب المثل الشعبي الشهير، وهو مثير للجدل سواء في وجوده في قطر الشقيقة من الأصل أو فيما يصرح به في بعض الأحيان من تصريحات تثير أزمة وبلبلة بين أبناء الوطن الواحد في مصر. وذلك مع ملاحظة عدم التعرض في تصريحاته لقناة الجزيرة أو دولة قطر التي يعيش فيها. أقصد هنا ما دعا إليه القرضاوي في النصف الثاني من شهر ديسمبر 2009 وقبل بداية سنة 2010 بالامتناع عن تهنئة المسيحيين بمناسبة عيد الميلاد، كما حرم بيع شجرة عيد الميلاد في البلاد الإسلامية حسب تعبيره. وتناسي القرضاوي أن التهنئة بالعيد هي التزام وطني بين أبناء الوطن الواحد، كما أن شجرة عيد الميلاد أو بابا نويل قد أصبحا رمزاً للخير والفرح والبهجة للأطفال بوجه خاص من خلال اللعب التي تذهب إليهم.. ليلعبوا ويفرحوا بها. إن سياسة التحريم والتكفير واستعداء المجتمع علي أبنائه هو إعلان واضح من الشيخ يوسف القرضاوي برفضه للطرف الثاني الديني في المجتمعات العربية، وتهميشه والتقليل من شأنه والاستهانة بأعياده.. وهو ما يصب في مصلحة تغذية الطائفية البغيضة التي استهدفت الشارع المصري منذ عدة سنوات لشق صفه الوطني علي أساس المعتقد الديني. تذكرت ما صرح به الشيخ يوسف القرضاوي بعد أن قرأت المقال الذي كتبه د.مأمون فندي بجريدة المصري اليوم خلال الأسبوع الماضي تحت عنوان (شكراً للأقباط). وأعتقد أن أهم ما تضمنه المقال وأتفق فيه معه هو ما ذكره من أن (الهلال والصليب) و(مصر التي بجناحين.. أحدهما مسيحي والثاني إسلامي) هو نوع من الإصرار علي مفردات تديين الوطن وتطييفه وترسيخ فكرة الدولة الدينية. من أهم ما جاء بمقال د. مأمون فندي هو ما قاله من أنه (لولا الأقباط ولولا مدنية الجيش ومدنية القيادات العسكرية العليا لتحولت مصر إلي نموذج طالبان بأفغانستان). وذلك علي اعتبار ملاحظة أخري أكثر أهمية، وهي أن الأقباط والجيش هما السد العالي الذي يحجز خلفه طوفان الدولة الدينية وخطرها الذي تغلغل اليوم في عشوائيات المجتمع المصري. ما ذكره د. مأمون فندي يتطلب إعادة النظر في ترسيخ مفهوم الدولة المدنية بعيداً عن شعارات الاستهلاك الوطني التي نرددها مع كل توتر طائفي ومع كل أزمة تحدث يكون أحد طرفيها مواطنا مسيحياً مصرياً والطرف الثاني مواطناً مسلماً مصرياً. والدولة المدنية المصرية هنا ترتكز علي وجود المواطنين المسيحيين المصريين.. لترسيخ قيمة الوحدة المصرية في إطار التنوع الديني بين المسيحية والإسلام. وهو تنوع لا يضع الدين في مقابل الدولة ومواجهتها أو العكس. نعم، الأقباط أصبحوا ضرورة وطنية.. ككتلة بشرية لاستمرار الدولة المصرية المدنية.