"تشيخوف نبع متجدد" هكذا أجمع المشاركون في المائدة المستديرة ضمن برنامج ضيف الشرف بعنوان "الإرث الأدبي لأنطون تشيخوف (1860 - 1904) في الثقافة المعاصرة"، وذلك بمناسبة الذكري ال150 لمولد صاحب "عنبر رقم 6" و"الأخوات الثلاث" و"النورس"، وأكدت كلمات المشاركين علي تأثير أدب تشيخوف علي طريقة تفكيرهم وأعمالهم علي أنه "مازال إنتاج تشيخوف يحضر بيننا حضور متجدد". زخار بريليبين أحد الكتاب الشباب الذي تشبه عوالم أعماله تلك العوالم المنبثقة عن أعمال تشيخوف، قال أن ثلاثة أثروا فيه هم: المسيح وتشيخوف وشكسبير، شارحا أن تشيخوف ضم في إبداعه ليس فقط الحياة اليومية الروسية بل أشياء أخري دقيقة لكنها عظيمة مثل الحياة الواقعية الروسية للفلاحين والبلاط الروسي، كما طعم إبداعه بعناصر تتعلق بعلم النفس والغموض. إلفالك إبراهيموف المنتمي إلي الأدب التتارستاني، تحدث عن تأثير تشيخوف في تطوير فني الدراما والنثر الجديدين علي الأدب التتارستاني، أعجبته القدرة الهائلة لتشيخوف علي النفاذ إلي خصائص النفس البشرية والتعامل مع أنماط مختلفة من الأشخاص، مشددا علي أن هذه الملكة هي سر معاصرة تشيخوف وزيادة حيويته في العالم المعاصر. ألكسندر كاباكوف عبر عن امتلاك تشيخوف لما أسماه ب"الصنعة أو المعجزة الأدبية" قائلا: "أكثر ما يثير الاهتمام والتعجب هي القدرة الدرامية لأنطون تشيخوف، وهذه إحدي أسباب نجاحه، فمسرحياته تعرض علي مسارح العالم منذ عشرات ومئات السنين، ووصف مسرحه ب"مسرح الظل" الذي يجعلنا نضحك في أقصي لحظات البكاء. أما رومان سنتشين ففاجأ الحضور بوصفه أنطون تشيخوف بالكاتب المستفز، قائلا: "امتلك المهارة الأدبية لوصف عملية بسيطة ساذجة مثل شرب الشاي بكثير من المشاعر العميقة، علي هذا الأساس تصبح مؤلفات تشيخوف مستفزة بشكل ما، وذلك هو سر عصرية تشيخوف، القيم التي يبثها في أعماله تدفعنا للتفكير في حيواتنا وإعمال عقولنا، ولا تجعلنا نستكين في حياة مستقرة وهادئة". تناولت "ليديا جريجورييفا" فكرة صمود أدب تشيخوف أمام مستجدات العصر، فقد ذكرت أن الأدب الكلاسيكي في روسيا اليوم يعيش مرحلة مأساوية، أصبح فيها جوجول وديستويفسكي من الكتاب "العقيقيين"، وذلك بسبب التليفزيون، لكن تشيخوف خالد وأعماله مرآة للأبدية، وشخوصه تتحرك من الواقع إلي الأدب وبالعكس، لأنه لم يختلق الأحداث وجمع في أعماله مجمل طبقات الشعب الروسي. بينما تحدث د. أبو بكر يوسف مترجم الأعمال المختارة لتشيخوف عن الروسية مباشرة، عن أول مرة حاول فيها ترجمة تشيخوف، اكتشف أن الجمل جميعها صحيحة لكنها ميتة، لأن الترجمة عموما وعند تشيخوف خصوصا ليست بالضرورة مجرد نقل تعابير بل أحاسيس وجو عام، وأضاف: "اكتشفت أن تشيخوف أقرب إلينا نحن المثقفين العرب أكثر مما نتصور، ومقولة أن تشيخوف من ثقافة أخري غير ثقافتنا لا تصمد مع واقع الثقافة الروسية عموما، الذين تربت عليها أجيال وأجيال من المثقفين العرب".