تمثل المبادئ التى قامت عليها الولاياتالمتحدةالأمريكية أساسا لروح المحبة والتعايش لكل شعوب العالم، فهى بلد بني على أساس أن جميع البشر خلقوا متساوين، إلا أن المفارقة الكبرى هى أن الدولة التى قامت على تلك المبادئ بنت حضارتها على سخرة الملايين من العبيد الذين أتوا من أفريقيا لبناء خطوط السكك الحديد والمصانع وغيرها من رموز النهضة الصناعية بالولاياتالمتحدةالأمريكية فى بدايتها. يستعرض كتاب " أمريكا إمبراطورية الحرية " لديفيد رينولد كيف أن أمة ديمقراطية مثل أمريكا تشكل عبر تاريخها العديد من المعتقدات المتعارضة رغم قيامها كامبراطورية للحرية من جانب المستعمرين القادمين من أوروبا، وهى الفترة التى بدأ الكتاب تحليلها حتى الوصول إلى انتخاب الرئيس باراك أوباما.. فقد عمل المجتمع الأمريكى ومنذ وصول كريستوفر كولومبس على نشر معتقدات الحرية والديمقراطية مع ترسيخ المعتقدات الدينية الخاصة بالمستعمرين الأوروبين والذىن كان معظمهم من المسيحيين البروتستانت الإنجيليين الذين عملوا على نشر مبادئهم الدينية وحكم الله فى المجتمع وهو ما يعكس الازدواجية فى بدايات هذا المجتمع ، ويكشف الكتاب كيف أن حرص المستعمر الأوروبى على نشر معتقداته الخاصة فى ظل تنوع هؤلاء الأوروبيين وقدومهم من بلدان مختلفة خلق حربا أهلية وصراعا بين ولايات الشمال والجنوب وبين الآباء المؤسسين، كان من ضمنها مسألة الرق والرقيق والعبيد السود الذين عوملوا كممتلكات شخصية اعتبرت أسوأ ضربة لمبادئ المساواة التى قامت عليها امبراطورية الحرية الأمريكية. وقد فسرالكاتب رينولد الازدواجية فى إقرار حرية المعتقد مع التمسك بتعاليم المسيحية وتطبيقها فى الحياة العامة على أنه كان نوعا من الذكاء حينئذ ، فدولة علمانية تتمسك بقيمها الدينية وأحكامها من شأنها خلق دولة مستقبلية قوية ذات ثقافة خاصة ، إلا أنها على العكس، ساهمت فى خلق الطبيعة الإمبريالية للولايات المتحدةالأمريكية . الكتاب يستعرض أيضا التناقض فى النظرة إلى أمريكا كأرض للحريات وتنوع الثقافات وفى الوقت نفسه هى قوة استعمارية تتجسس عليك وتقرأ رسائلك الإلكترونية ومكالماتك الهاتفية وحساباتك على الشبكات الاجتماعية.