تعطي الرسوم المتحركه طابعا آليا للممثل مهما كانت جودة الآلة الفنية، لكن الممثل الذي التحق قريبا بالرسوم المتحركة لسوف يعطي للصور المتحركة ولهذه الرسوم طابعا إنسانيا، ويجعل من الصورة أكثر ألفة وما يسمي بأنسنة الرسوم، وإضافة الممثل تلك تظل في إطار معايير فن التحريك، فحاليا يشهد العالم تطورا جديدا، موجة جديدة من الخلق الفني وهو التحريك بواسطة أداء الممثل، فن توظيف الممثل في أفلام الرسوم الذي ظهر هذا العام ليصبح الممثل هو الآخر صناعة، كالتونة ندرك أنها نوع من الأسماك، لكنه ليس هذا النوع الذي يسبح بالبحر، فالصناعة تجعل من الممثل كسمكة التونة إذا ما دخل إلي الاستديو وكعلب التونة إذا ماخرج إلي عالم العرض، الأمر مختلف، لكن التونة أصبحت غنية بالنكهات. تبدأ صناعة الممثل مع السيناريو الأول للصناعة، عدد ساعات عمل طويلة وشاقة لفهم وتخليق الشخصية وإيصال الخيال إلي الممثل، وفي كيفية تحويل أدواته من كائن بشري إلي كائن كرتوني مصنع ومحاكٍ لشخصيات أفلام الرسوم المتحركة، وبما أن هناك فوارق، بين الفيزياء والمحاكاة، وبما أن العقل الإنساني النابغ قادر علي طمس هذه الفوارق لذا لن تكون هناك مشكلة مطلقا للتغلب علي تلك الفوارق عبر التقنية، فالممثل هنا جزء من اللعبة لكنه لن يعرف في أي ركن سوف يوضع داخل هذه اللعبة وفي أي أجواء سوف يكون إلي الدرجة التي تجعلهم يندهشون فور مشاهدتهم أنفسهم، فالممثل في هذه الموجة الجديدة هو عبارة عن مقاطع صغيرة تفصيلية لا تظهر بالترتيب - داخل الاستوديو -يحاكي أجواء افتراضية عليه إدراكها حسب إرشادات المخرج تنتزع لتكتسي مكياجا وزيا وإكسسوارا وإضاءة رسومية وصوتا ليس حقيقيا، إن النتائج مذهله في النهاية، تصل إلي حد الاكتشاف، ورغم أن هناك توجيهات وإملاءات لا بأس بها من المخرج من شأنها توسيع مجال رؤية الممثل وإدراكة، إلا أن النقلة عظيمة بين ممثل خلفه شاشة زرقاء محايدة وحدة باستديو كأنه قاعة بروفات يطلب منه تأدية تعبيرات وأداءات بعينها عبر التحريك سوف تكتسي في غرفة صغيرة ومهمة (غرفة الكنترول) طابعا كرتونيا أو قل سوف تكتسي أفلام الرسوم بواسطة هذا الممثل طابعا إنسانيا، وفق أحدث برامج الكمبيوتر، التي تشتمل أهم قواعد الفيزياء وبالوصول إلي التقنية بواسطة برنامج إلكتروني تتحول هذه القواعد إلي محاكاة فنية عالية الدقة وفق أداء مثالي في الغالب يستمر مئات الساعات من العمل وغير واردة الأخطاء وإن وردت سيتم السيطرة، إن قوام الممثل وأداءه داخل منظومات المعطيات الفيزيائية إضافة إلي تركيب المشهد كاملا يظل فيها الممثل داخل هذا النموذج البطل الرئيسي للعملية الفنية عبر الموجة الجديدة لأفلام التحريك، فبواسطة أداء الممثل يبعث نوعا من الواقعية المثالية حتي الآن التي تسبغ علي تلك الأفلام بعداً أو نبضا شاعريا. لقد حلم فنانو فيلم simone بالممثل الافتراضي المصنع ويحلم فنانو فيلم christmas of carol بعالم افتراضي يضم ممثلاً حقيقياً. ويبقي التطوير من خلال رؤي التجريب علي الممثل كجانب يخضع لمعيار صناعة الأداء من خلال مجموعة من الأوامر الأدائية والحاسوبية في غرفة التحكم أمرا حتميا، ولن يلغي الموهبة ولن يصنع من عابر سبيل كما في بلادنا ممثلا نجما، لكنه كلما زاد الممثل موهبة زاد اتقان الآلة لامتصاص أدائه تفهما وانسجاما، فهي كالكاميرا تطبع الانفعالات كل حسب ما اعطي، ورغم أن ذلك غير واقعي في الدمج ما بين انسنة الرسوم المتحركة والتحريك بواسطة الممثل، إلا أن الأوامر لا تخطئ وتعبيرات وحركات وانفعالات الممثل توظف بجدية داخل المشهد الافتراضي الذي لا يوجد منه أي شيء يوحي للممثل من حوله بأدني شيء، ذلك ليصير الممثل ذاته هو هذا الكائن الافتراضي لهذا العالم المصنع والمدهش فيما بعد أن الثقه بين الممثل والمخرج في غياب العناصر شيء لافت للنظر لخدمة المشاهد، ودهشة تثير العجب لممثل أجره 30 مليون دولار يتقبل أن يغيب وجهه في شجاعة مهنية لافتة، أن تخفي النجم جيم كاري خلف شخصية من الرسوم لعجوز قبيح تجعله يستحق التحية، ورغم ذلك فكل شيء وفق ما درس يظل ممكنا وفق خيال وابتكار فنان لا يقبع في قمقم كهوف الماضي وغيبة، دون كيشوت،فنان يقرأ، يفكر، يسمع للآخر، فنان لا يشكو، فنان لا يعتقد أن شرش الزلوع هو الراعي الرسمي للإبداع وحب الجمهور.