أمس وبدون مناسبة أرسل 16 نائبا في الكونجرس الأمريكي رسالة إلي الرئيس حسني مبارك يطالبونه فيها بملاحقة المسئولين عن حادث إطلاق النار الذي أودي بحياة ستة مسيحيين عشية الاحتفال بعيد الميلاد في السادس من يناير الجاري. وقال أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الموقعين علي الخطاب: "بوصفنا أعضاء في الكونجرس الأمريكي، نعتبر حماية الطائفة القبطية مصلحة مشتركة، ونشجعكم بقوة علي التصرف بعكس الاتجاه المصري القاضي بعدم التحقيق والملاحقة الدقيقة لأعمال العنف التي تستهدف الأقباط". والحقيقة أن مثل هذه الرسالة تستحق التوقف والتعليق لعدة أسباب من حيث الشكل والمضمون: أولا: إن دعوة أعضاء الكونجرس للتحقيق في أحداث نجع حمادي جاءت بعد إدانة رسمية وشعبية واسعة للحادث، وبعد القبض علي المتهمين والتحقيق معهم وإحالتهم للقضاء، مما يعني أن القضية قد حظيت بمتابعة أمنية سريعة، وانتهت التحقيقات في وقت قياسي، وربما أسرع مما يحدث في الولاياتالمتحدة في مثل هذه الأحوال، لذلك تبدو الرسالة في غير موضعها، وتظهر السادة أعضاء الكونجرس الأمريكي وكأن التاريخ قد توقف عندهم عند حادث إطلاق النار ولم يتابعوا الإجراءات التي تلت الحادث.. أي كانوا نائمين في العسل. ثانيا: توقف متابعة أعضاء الكونجرس عند الحادث فقط، لا تعني فقط أنهم ينقصهم المعلومات، وإنما تعني أن الإعلام المصري به الكثير من الخلل، بدليل أن كل الإجراءات التي تلت الحادث ليس لها صدي، كما أن عملية التواصل مع صناع القرار في الولاياتالمتحدة إما مسدودة أو غير موجودة علي الإطلاق. ثالثا: أعتقد أن معظم المصريين خاصة إخوتنا الأقباط يرفضون هذا التدخل الأمريكي في الشأن المصري، وأنا شخصيا أعتقد أن مثل هذه الرسائل الخارجية وعمليات التدخل في الشئون الداخلية تزيد الأزمات اشتعالا ولا تساعد علي التهدئة. رابعا: أنه في حالة إصرار نواب الكونجرس علي التدخل لحماية "الأقلية القبطية" كما يقولون، وتصرفهم كأنهم يتكلمون باسم المسيح عليه السلام ويحمون المسيحية في كل أنحاء العالم، فإن علي نواب مجلسي الشعب والشوري إرسال رسائل مماثلة إلي الرئيس الأمريكي لوضع حد للتمييز الذي تعاني منه الأقلية العربية والمسلمون الأمريكيون في الولاياتالمتحدة، والذين يجري التعامل معهم باعتبارهم مشتبهاً في كونهم إرهابيين إلي أن يثبت العكس. خامسا: لا يكشف خطاب أعضاء الكونجرس عن جهل المشرعين الأمريكيين بالقضايا التي يتصدون لدراستها أو يقررون مخاطبة رؤساء الدول بشأنها فقط ، وإنما يمتد إلي إصدار أحكام خاطئة، يفترض عدم صدورها عن أناس بمثل وضعيتهم التشريعية، مثل القول بأن الاتجاه المصري يقضي بعدم التحقيق والملاحقة الدقيقة لأعمال العنف التي تستهدف الأقباط.. وهو أمر ليس حقيقيا، ولم يحدث في مصر من قبل.. ففي كل الجرائم المشابهة تم تقديم الجناة للمحاكمة ونالوا عقابهم.. لكن الفرق بين القضاء المصري والأمريكي أننا في مصر نحاكم علي الجرم وليس حسب الدين كما يفعلون في الولاياتالمتحدة والأمثلة عديدة علي ذلك!