في ال"29" من يونيو 2009 ،علي متن الطائرة الإيرباص A310 التابعة للخطوط الجوية اليمنية، والمتجهة من مدينة مارسيليا إلي جزر القمر، كانت سعادة الصغيرة بهية بكاري ،13 سنة، لا توصف ، فهي لأول مرة تركب طائرة ولأول مرة تسافر خارج فرنسا ،مسقط رأسها ، ولأول مرة تزور بصحبة أمها عائلتها الكبيرة في جزر القمر. لكن ، هذه السعادة سرعان ما تحولت لذعر وخوف وصراخ، فعلي ارتفاع 10 آلاف متر، توقفت محركات الطائرة، وبدأ السقوط..أجسام تتخبط ، صراخ وضجيج يصم الآذان، أقنعة الأكسجين تتدلي من سقف الطائرة...ثم الظلام التام. بعد ستة أشهر من هذا الحادث المروع الذي تحطمت فيه طائرة الخطوط الجوية اليمنية في قلب المحيط الهندي متسببة في هلاك كل ركابها الذي بلغ عددهم 152 شخصاً... ماعدا بهية، قام المراسل والكاتب الصحفي الفرنسي عمر جندوز بإجراء عدة مقابلات مع بهية بكاري روت فيها تجربتها المروعة، وجمعها في كتاب يحمل عنوان "انا بهية ، الناجية المعجزة " صدر من أسبوع في دور النشر والمكتبات الفرنسية. ويحكي الكتاب قصة النجاة المذهلة والتي وصفها والدها ، قاسم بكاري ، في تصريحاته للصحافة بأنها "إرادة الله "، فقد قذف انفجار الطائرة الصغيرة بهية ، مصابة بحروق ورضوض في أجزاء متفرقة من جسمها ، إلي مياه المحيط حيث ظلت متعلقة لمدة 8 ساعات بقطعة طافية من حطام الطائرة قبل أن ينقذها أحد الصيادين علي بعد بضعة كيلومترات من السواحل القمرية. واليوم بعد ان أنهت بهية علاجها ولم يبق في وجهها إلا ندوب بسيطة عادت إلي حضن والدها وإخواتها الثلاثة ،إلا أن هذه التجربة المريرة ستظل ،علي حد قولها، محفورة في ذاكرتها للأبد: مشاعر الصدمة والآلام الشديدة بعد إرتطام الطائرة، برودة المياه، الظلام الدامس من حولها ، القلق الذي يمزقها علي مصير أمها..ستظل هذه الأحاسيس تؤرق نومها طويلا. وتحاول بهية استعادة الإيقاع التقليدي لحياتها بعد ان أصبحت تلك الطفلة طوال الأشهر الماضية بطلة قومية رغما عنها، عانت فيها من محاصرة وسائل الإعلام ، خاصة بعد ان وعدها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بدعوتها هي وعائلاتها إلي قصر الإليزيه ، وسرت شائعات عن سعي المخرج الأمريكي الكبير ستيفين سبيلبيرج لإنتاج فيلم يتناول قصة تحطم الطائرة A310 ونجاة بهية منها . وقد حرص عمر جندوز علي الاحتفاظ بالألفاظ البسيطة وطريقة السرد التلقائية لبهية ذات ال13 سنة ليعطي للكتاب مصداقية وحرارة تدعو القارئ للتعاطف مع تلك الفتاة التي تغيرت حياتها للأبد بعد أن أنقذتها العناية الإلهية من موت محقق.